للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الضم والجمع، وجزم به ابن بطال (١). وفي القاموس (٢): الْقَرْء، ويضم: الحيض والطُّهر، انتهى. وزعم كثير أنَّ القرء مشترك بين الحيض والطُّهر، وقد أنكر صاحب الكشاف (٣) إطلاقه على الطهر.

وقال ابن القيم (٤): إنّ لفظ القرء لم يستعمل في كلام الشارع إلا للحيض، ولم يجئ عنه في موضع واحدٍ استعماله للطُّهرِ، فحمله في الآية على المعهود المعروف من خطاب الشارع أولى، بل يتعين، فإنَّه قد قال للمستحاضة: "دعي الصلاة أيام أقرائك" (٥)، وهو المعبر عن الله وبلغة قومه نزل القرآن، فإذا أورد المشترك في كلامه على أحد معنييه وجب حمله في سائر كلامه عليه، إذا لم يثبت إرادة الآخر في شيء من كلامه البتة، ويصير هو لغة القرآن التي خوطبنا بها وإن كان له معنى آخر في كلام غيره، وإذا ثبت استعمال الشارع للقرء في الحيض علم أن هذا لغته، فيتعين حمله عليها في كلامه.

ويدلّ في ذلك ما في سياق الآية من قوله تعالى: ﴿وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ﴾ (٦)، وهذا هو الحيض والحمل عند عامة المفسرين، والمخلوق في الرحم إنما هو الحيض الوجودي، وبهذا قال السلف والخلف، ولم يقل أحد إنه الطهر، وأيضًا فقد قال سبحانه: ﴿وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ﴾ (٧)، فجعل كل شهر بإزاء حيضة، وعلق الحكم بعدم الحيض لا بعدم الطهر والحيض، وقد أطال الكلام ابن القيم وأطاب، فليراجع.

وحكى في البحر (٨) عن العترة: أن القرءَ - بفتح القاف، وضمها - حقيقة في الحيض مجازٌ في الطُّهر.


(١) في شرحه لصحيح البخاري (٧/ ٤٨٨).
(٢) في القاموس المحيط (ص ٦٢).
(٣) الزمخشري في "الكشاف" (١/ ٤٤٠).
(٤) في زاد المعاد (٥/ ٥٦٩ - ٥٧٢).
(٥) أخرج البخاري رقم (٢٢٨) ومسلم رقم (٦٢/ ٣٣٣) مرفوعًا بلفظ: " … فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، فإذا أدبرت فاغْسلي عنك الدم وصلي".
(٦) سورة البقرة، الآية: (٢٢٨).
(٧) سورة الطلاق، الآية: (٤).
(٨) البحر الزخار (٣/ ٢١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>