للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

السنّة يخالف قول فاطمة، لما تقرر أن قول الصحابي: من السنة كذا، له حكم الرفع (١).

قلت: صرح الأئمة بأنَّه لم يثبت شيء من السنة يخالف قول فاطمة، وما وقع في بعض الروايات عن عمر أنه قال: سمعت رسول الله يقول: "لها السكنى والنفقة"، فقد قال الإمام أحمد (٢): لا يصحُّ ذلك عن عمر.

وقال الدَّارقطنيُّ (٣): السنة بيد فاطمة قطعًا. وأيضًا تلك الرواية عن عمر من طريق إبراهيم النخعي، ومولده بعد موت عمر بسنتين.

قال العلامة ابن القيم (٤): ونحن نشهدُ باللهِ شهادة نُسئلُ عنها إذا لقيناه، أن هذا كذبٌ على عُمَرَ، وكذب على رسولِ اللهِ ، وينبغي أن لا يَحْمِلَ الإنسانَ فرطُ الانتصارِ للمذاهب والتعصب على معارضة السنن النبوية الصريحة الصحيحة بالكذب البحت، فلو يكونُ هذا عند عمر عن النبيّ لَخَرِسَت فاطمة وذووها، ولم [ينبزوا] (٥) بكلمةٍ، ولا دعت فاطمة إلى المناظرة"، انتهى.

فإن قلت: إنَّ ذلك القول من عمر يتضمن الطعن علي رواية فاطمة لقوله: "لقول امرأؤ لا ندري أحفظت أم نسيت".

قلت: هذا مطعنٌ باطلٌ بإجماع المسلمين للقطع بأنَّه لم ينقل عن أحد من العلماء: أنَّه ردَّ خبر المرأة لكونها امرأة، فكم من سنة قد تلقتها الأمة بالقبول على امرأةٍ واحدةٍ من الصحابة، وهذا لا ينكره من له أدنى نصيب من علم السنة، ولو ينقل أيضًا عن أحد من المسلمين: أنَّه يردّ الخبر بمجرَّد تجويز نسيان ناقله، ولو كان ذلك مما يقدح به لم يبق حديث من الأحاديث النبوية إلا وكان مقدوحًا فيه.

لأنَّ تجويز النسيان لا يسلم منه أحدٌ، فيكون ذلك مفضيًا إلى تعطيل السنن


(١) انظر: "إرشاد الفحول" (ص ٢٣٣) بتحقيقي. والبحر المحيط (٤/ ٣٧٨).
(٢) حكاه عنه ابن القيم في "زاد المعاد" (٥/ ٤٧٩).
(٣) حكاه عنه ابن القيم في "زاد المعاد" (٥/ ٤٧٩ - ٤٨٠).
(٤) في "زاد المعاد" (٥/ ٤٨٠).
(٥) في "زاد المعاد": [يَنْبِسوا]، والمثبت من (أ)، (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>