للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وذهب الهادي (١) والمؤيد (١) بالله، وكان في البحر (١) عن أحمد بن حنبل (٢) إلى أنها تستحق النفقة دون السكنى.

واستدلوا على وجوب النفقة بقوله تعالى: ﴿وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ﴾ (٣) الآية، وبقوله تعالى: ﴿وَلَا تُضَارُّوهُنَّ﴾ (٤) وبأنَّ الزوجة المطلقة بائنًا محبوسةٌ بسبب الزوج.

واستدلوا على عدم وجوب السكنى بقوله تعالى: ﴿أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ﴾ (٤)، فإنه أوجب أن تكون حيث الزوج، وذلك لا يكون في البائنة.

وأرجح هذه الأقوال الأوّل لما في الباب من النص الصحيح الصريح، وأما ما قيل من أنّه مخالف للقرآن فوهم، فإنَّ الذي فهمه السلف من قوله تعالى: ﴿لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ﴾ (٥) هو ما فهمته فاطمة من كونه في الرجعية، لقوله في آخر الآية: ﴿لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا﴾ لأنَّ الأمر الذي يرجى إحداثه هو الرجعة لا سوى، وهو الذي حكاه الطبري (٦) عن قتادة والحسن والسديِّ والضَحَّاك، ولم يحك عن أحد غيرهم خلافه.

قال في الفتح (٧): وحكى غيره: أنَّ المراد بالأمر: ما يأتي من قبل الله تعالى من نسخٍ أو تخصيصٍ، أو نحو ذلك فلم ينحصر، انتهى.

ولو سلم العموم في الآية لكان حديث فاطمة (٨) المذكور مخصصًا له، وبذلك يظهر أن العمل به ليس بترك للكتاب العزيز، كما قال عمر فيما أخرجه عنه مسلم (٩) لما أخبر بقول فاطمة المذكور: "لا نترك كتاب ربنا وسنّة نبينا لقول امرأة لا ندري أحفظت أم نسيت".

فإن قلت: إنَّ قوله: "وسنّة نبينا" يدل على أنه قد حفظ في ذلك شيئًا من


(١) البحر الزخار (٣/ ٢١٥).
(٢) المغني (١١/ ٤٠٣).
(٣) سورة البقرة، الآية: (٢٤١).
(٤) سورة الطلاق، الآية: (٦).
(٥) سورة الطلاق، الآية: (١).
(٦) جامع البيان (١٤/ ج ٢٨/ ١٣٥ - ١٣٦).
(٧) الفتح (٩/ ٤٨٠).
(٨) تقدم رقم (٢٩٤٦) من كتابنا هذا.
(٩) في صحيحه رقم (٤٦/ ١٤٨٠) وقد تقدم برقم (٢٩٤٩) من كتابنا هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>