للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويمكن أن يقال: إن قوله في الحديث: "من السبايا" مفهوم (١) صفة فلا يكون من التنصيص المذكور إلا عند من لم يعملَ به، وأوضح من ذلك حديث أبي سعيد (٢) المتقدم، فإن قوله: "لا توطأ حاملٌ حتى تضع، ولا غير حاملٍ حتى تحيض حيضة" يشمل المستبرأة ونحوها، وكون السبب في ذلك سبايا أوطاس لا يدلّ على قصر اللفظ العامِّ عليهنَّ لما تقرَّر أن العبرة بعموم اللفظ (٣) لا بخصوص السبب، فيكون ذلك عامًا لكلِّ من لم يجوِّز خلوَّ رحمها، لا من كان رحمها خاليًا بيقين كالصغيرة والبكر كما تقدم تحقيق ذلك.

وظاهر حديث رويفع (٣) وما قبله أنه لا فرق بين الحامل من زنا وغيرها فيجب استبراء الأمة التي كانت قبل ثبوت الملك عليها تزني؛ إن كانت حاملًا فبالوضع، وإن كانت غير حامل فبحيضة، ويؤيد هذا حديث الرجل من الأنصار (٤) الذي ذكرناه في أوّل الباب.

قوله: (فاصطفى عليٌّ منه سبية … إلخ) يمكن حمل هذا على أنَّ السبية التي أصابها كانت بكرًا أو صغيرة أو كان قد مضى عليها من بعد السبي مقدار مدة الاستبراء لأنها قد دخلت في ملك المسلمين من وقت السبي، والمصير إلى مثل هذا متعين للجمع بينه وبين الأحاديث المذكورة في الباب.

وظاهر هذا الحديث وسائر أحاديث الباب أنه لا يشترط في جواز وطء المسبية الإسلام، ولو كان شرطًا لبينه النبي ، ولم يبينه، ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة وذلك وقتها، ولا سيما وفي المسلمين في يوم حنين وغيره من هو حديث عهد بالإسلام يخفى عليهم مثل هذا الحكم وتجويز حصول الإسلام من جميع السبايا وهنَّ في غاية الكثرة بعيد جدًّا، فإن إسلام مثل عدد المسبيات في أوطاس دفعة واحدة من غير إكراه لا يقول بأنه يصحّ


(١) تقدم، وانظر: "إرشاد الفحول" (ص ٥٩٦) بتحقيقي، والبحر المحيط (٤/ ٣١).
(٢) تقدم برقم (٢٩٥٢) من كتابنا هذا.
(٣) انظر: "إرشاد الفحول" (ص ٤٥٤) بتحقيقي والبحر المحيط (٣/ ١٩٦) والمسودة لآل تيمية (ص ١٣٣).
(٤) تقدم تحت رقم (٢٩٥٥) من كتابنا هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>