للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فذهب الجمهور (١) إلى الوجوب، واحتجوا بالقياس على المسبية بجامع تجدّد الملك في الأصل والفرع.

وذهب داود (٢) والبتي (٣) إلى أنه لا يجب الاستبراء في غير السبي.

أما داود فلأنه لا يقول بثبوت الحكم الشرعي بمجرّد القياس.

وأما البتي فلأنه جعل تجدّد الملك بالشراء والهبة كابتداء النكاح وهو لا يجب على من تزوّج امرأة أن يستبرئها بعد العقد.

وردّ بالفرق بين النكاح والملك. فإنّ النكاح لا يقتضي ملك الرقبة، كذا في البحر (٤).

ولا يخفى أن ملك الرقبة مما لا دخل له في محلّ النزاع فلا يقدح به في القياس.

واستدلّ في البحر للجمهور بقول عليّ: "من اشترى جارية فلا يقربها حتى تستبرأ بحيضة" (٥)، قال: ولم يظهر خلافه، وقد عرّفناك غير مرّة أن السكوت في المسائل الاجتهادية لا يدلّ على الموافقة لعدم وجوب الإنكار فيها على المخالف.

والأولى التَّعويلُ في الاستدلال للموجبين على عموم حديث رويفع (٦) وأبي هريرة (٧)، فإن ظاهرهما شاملٌ للمسبية والمستبرأة ونحوهما، والتصريح في آخر الحديث بقوله: "فلا ينكحنَّ ثيبًا من السبايا" ليس من باب التقييد للمطلق أو التخصيص للعامّ، بل من التنصيص على بعض أفراد العام.


(١) المغني (١١/ ٢٨١ - ٢٨٢).
(٢) المحلى (١٠/ ٣١٥).
(٣) كما في المغني (١١/ ٢٧٥).
(٤) البحر الزخار (٣/ ١٣٩).
(٥) أخرج ابن أبي شيبة في "المصنف" (٤/ ٢٢٤ - ٢٢٥): "عن علي قال: تستبرئ الأمة بحيضة".
(٦) تقدم برقم (٢٩٥٥) من كتابنا هذا.
(٧) تقدم برقم (٢٩٥٤) من كتابنا هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>