للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأجابوا أيضًا: بأن ذلك لو كان قرآنًا لحفظ لقوله تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (٩)(١).

وأجيب: بانَّ كونه غير محفوظٍ ممنوعٌ، بل قد حفظه الله برواية عائشة له.

وأيضًا المعتبر حفظ الحكم، ولو سلم انتفاء قرآنيته على جميع التقادير لكان سنة لكون الصحابي راويًا له عنه لوصفه له بالقرآنية وهو يستلزم صدوره عن لسانه، وذلك كافٍ في الحجية لما تقرّر في الأصول من أن المروي آحادًا إذا انتفى عنه وصف القرآنية لم ينتف وجوب العمل به كما سلف.

واحتجوا أيضًا بقوله تعالى: ﴿وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ﴾ (٢)، وإطلاق الرضاع يشعر بأنه يقع بالقليل والكثير، ومثل ذلك حديث: "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب" (٣).

ويجاب بأنه مطلق مقيد بما سلف.

واحتجوا بما ثبت في الصحيحين (٤) عن عقبة بن الحارث أنه تزوّج أمّ يحيى بنت أبي إهاب الذي سيأتي في باب شهادة المرأة الواحدة بالرضاع؛ فإن النبيّ لم يستفصل عن الكيفية ولا سأل عن العدد.

ويجاب أيضًا: بأن أحاديث الباب اشتملت على زيادة على ذلك المطلق المشعور به من ترك الاستفصال، فيتعين الأخذ بها على أنه يمكن أن يكون ترك الاستفصال لسبق البيان منه للقدر الذي يثبت به التحريم. فإن قلت: حديث: "لا يحرم من الرضاع إلا ما فتق الأمعاء" (٥)، يدلّ على عدم اعتبار الخمس؛ لأن الفتق يحصل بدونها. قلت: سيأتي الجواب عن ذلك في شرح الحديث؛ فالظاهر ما ذهب إليه القائلون باعتبار الخمس، وأما حديث: "لا تحرم الرضعة والرضعتان" (٦)، وكذلك سائر الأحاديث المتقدمة في الباب الأول.

وقد سبق ذكر من ذهب إلى العمل بها؛ فمفهومها يقتضي أن ما زاد عليها


(١) سورة الحجر، الآية: (٩).
(٢) سورة النساء، الآية: (٢٣).
(٣) يأتي برقم (٢٩٦٦) من كتابنا هذا.
(٤) أخرجه الجماعة إلا مسلمًا وابن ماجه كما سيأتي برقم (٢٩٧٠) من كتابنا هذا.
(٥) يأتي برقم (٢٩٦٢) من كتابنا هذا.
(٦) تقدم برقم (٢٩٥٧) من كتابنا هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>