للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يوجب التحريم كما أن مفهوم أحاديث الخمس أن ما دونها لا يقتضي التحريم فيتعارض المفهومان ويرجع إلى الترجيح، ولكنه قد ثبت عند ابن ماجه (١) بلفظ: "لا يحرّم إلا عشر رضعات أو خمس" كما ذكره المصنف، وهذا مفهوم (حصر) وهو أولى من مفهوم (العدد) (٢).

وأيضًا قد ذهب بعض علماء البيان كالزمخشري إلى أن الإخبار بالجملة الفعلية المضارعية يفيد الحصر والإخبار عن الخمس الرضعات بلفظ يحرّمن كذلك. ولو سلم استواء المفهومين وعدم انتهاض أحدهما كان المتجه تساقطهما، وحمل ذلك المطلق على الخمس لا على ما دونها إلا أن يدلّ عليه دليل؛ ولا دليل يقتضي أن ما دون الخمس تحرم إلا مفهوم قوله: "لا تحرّم الرضعة والرضعتان" (٣) والمفروض أنه قد سقط، نعم لا بدّ من تقييد الخمس الرضعات بكونها في زمن المجاعة لحديث عائشة الآتي (٤) في الباب الذي بعد هذا.

وأما حديث ابن مسعود عند أبي داود (٥) مرفوعًا: "لا رضاع إلا ما أنشر العظم وأنبت اللحم".

فيجاب بأن الإنبات والإنشار إن كانا يحصلان بدون الخمس ففي حديث الخمس زيادة يجب قبولها والعمل بها، وإن كانا لا يحصلان إلا بزيادة عليها فيكون حديث الخمس مقيدًا بهذا الحديث لولا أنه من طريق أبي موسى الهلالي عن أبيه عن ابن مسعود.

وقد قال أبو حاتم (٦): إن أبا موسى وأباه مجهولان.

وقد أخرجه البيهقي (٧) من حديث أبي حصين عن أبي عطية قال: جاء رجل


(١) في سننه رقم (١٩٤٢) وقد تقدم تحت رقم (٢٩٥٩) من كتابنا هذا.
(٢) قال ابن النجار في "شرح الكوكب المنير" (٣/ ٥٢٤): " (وأقواها) أي أقوى المفاهيم (استثناءٌ، فـ) يليهِ (حَصْرٌ بنفى، فـ) يليهِ (ما قيل أنَّه منطوقٌ، فـ) يليهِ (حَصْرُ مبتدأ) في خبير (فـ) يليهِ (شَرْطٌ، فَصِفَةٌ مناسِبَةٌ، فـ) صفةٌ هي (عِلَّةٌ، فغيرُها) أي فصفةٌ غيرُ عِلَّةٍ (فَعَدَدٌ، فتقديمُ معمولٍ) والله أعلم". اهـ.
(٣) تقدم برقم (٢٩٥٧) من كتابنا هذا.
(٤) تقدم برقم (٢٩٥٩) من كتابنا هذا.
(٥) في سننه رقم (٢٠٦٠) وهو حديث ضعيف، والصواب وقفه.
(٦) الجرح والتعديل (٩/ ٤٣٨ رقم ٢١٩٧).
(٧) في السنن الكبرى (٧/ ٤٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>