للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هذا الحديث قد رواهُ من الصحابة: أمَّهات المؤمنين، وسهلة بنت سهيل، وهي من المهاجرات، وزينب بنت أمِّ سلمة، وهي ربيبة النبيّ .

ورواه من التابعين: القاسم بن محمد، وعروة بن الزبير، وحميد بن نافع، ورواه عن هؤلاء: الزهريُّ، وابن أبي مليكة، وعبد الرحمن بن القاسم، ويحيى بن سعيد الأنصاريُّ، وربيعة، ثم رواه عن هؤلاء: أيوب السختياني، وسفيان الثوريُّ، وسفيان بن عيينة، وشعبة، ومالك، وابن جريج، وشعيب، ويونس، وجعفر بن ربيعة، ومعمر، وسليمان بن بلال، وغيرهم، وهؤلاء هم أئمة الحديث المرجوع إليهم في أعصارهم، ثم رواهُ عنهم الجمُّ الغفير، والعدد الكثير. وقد قال بعض أهل العلم: إن هذه السنة بلغت طرقها نصاب التواتر.

وقد استدلَّ بذلك من قال: إنَّ إرضاع الكبير يثبت به التحريم، وهو مذهب أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب كما حكاه عنه ابن حزم (١). وأما ابن عبد البر (٢) فأنكر الرواية عنه في ذلك، وقال: لا يصح، وإليه ذهبت عائشة (٣)، وعروة بن


(١) • قال ابن حزم في "المحلى" (١٠/ ١٩): "ومن طريق عبد الرزاق نا ابن جريج أخبرني عبد الكريم أن سالم بن أبي الجعد مولى الأشجعي أخبره أن أباه أخبره أنه سأل علي بن أبي طالب فقال: إني أردت أن أتزوج امرأة وقد سقتني من لبنها وأنا كبير تداويت به فقال له علي: لا تنكحها، ونهاه عنها". اهـ.
• والأثر في المصنف لعبد الرزاق رقم (١٣٨٨٨).
• وقال الأمام المهدي في "البحر الزخار" (٣/ ٢٦٧): "فلا يحرِّم - أي الرضاع - بعد حولين لقول علي : "خذ بأي رجلي جاريتك … الخبر". اهـ.
وقال محمد بن بهران في كتاب "جواهر الأخبار والآثار المستخرجة من لجة البحر الزخار" (٣/ ٢٦٧ - البحر): "قوله: "خذ بأي رجلي أمتك شئت" الخبر. لفظه في "أصول الأحكام" عن زيد بن علي عن أبيه عن جده عن علي : "أن رجلًا أتاه فقال: إن لي زوجة، وإني أصبت خادمة فأتيتها يومًا، فقالت: إني أرويتها من ثديي، فما تقول في ذلك؟ فقال علي : انطلق قاتل زوجتك عقوبة ما أتت، وخذ بأي رجلي أمتك شئت، لا رضاع إلا ما أنبت لحمًا أو شد عظمًا، ولا رضاع بعد فصال"، انتهى.
وخلاصة القول أن أثر ابن حزم فيه اضطراب، ولذلك لم يحك الفقهاء عن علي أن رضاع الكبير معتبر كرضاع الصغير، فإنه لا يصح عنه والله أعلم.
انظر: موسوعة فقه علي بن أبي طالب (ص ٢٧٧ - ٢٧٨).
(٢) في "التمهيد" (١١/ ٣٧٤ - الفاروق) حيث قال: والصحيح عنه أن لا رضاع بعد فطام.
(٣) حكاه عنها ابن عبد البر في "التمهيد" (١١/ ٣٧٤) وأخرج أثرها عبد الرزاق رقم (١٣٨٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>