للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وذهبت العترة (١) والحنفية (٢) إلى أنه لا بدّ من رجلَيْن أو رجل وامرأتين كسائر الأمور.

ولا تكفي شهادة المرضعة وحدها بل لا تقبل عند الهادوية (٣) لأن فيها تقريرًا لفعل المرضعة.

ولا تقبل عندهم الشهادة إذا كانت كذلك مطلقًا، ولكنه حكي في البحر (٤) عن الهادوية والشافعية والحنفية أنه يجب العمل بالظنّ الغالب في النكاح تحريمًا. ويجب على الزوج الطلاق إن لم تكمل الشهادة، واستدلّ لهم على ذلك بهذا الحديث.

وقال الإمام يحيى (٣): الخبر محمول على الاستحباب.

ولا يخفى أن النهي حقيقة في التحريم كما تقرر في الأصول (٥) فلا يخرج عن معناه الحقيقي إلا لقرينة صارفة.

والاستدلال على عدم قبول المرأة المرضعة بقوله تعالى: ﴿وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ﴾ (٦) لا يفيد شيئًا لأن الواجب بناء العامّ على الخاصّ، ولا شكّ أن الحديث أخص مطلقًا. وأما ما أجاب به عن الحديث صاحب "ضوء النهار" (٧) من أنَّه مخالف للأصول فيجاب عنه بالاستفسار عن الأصول.

فإن أراد الأدلة القاضية باعتبار شهادة عدلين أو رجلٍ وامرأتين فلا مخالفة لأنَّ هذا خاصّ وهي عامة.

وإن أراد غيرها فما هو؟ وأما ما رواه أبو عبيد عن علي وابن عباس والمغيرة وأنهم امتنعوا من التفرقة بين الزوجين بذلك فقد تقرّر أن أقوال بعض الصحابة ليست بحجة على فرض عدم معارضتها لما ثبت عنه فكيف إذا عارضت ما هو كذلك (٨)؟ وأما ما قيل من أن أمره له من باب الاحتياط فلا


(١) البحر الزخار (٣/ ٢٧٠).
(٢) البناية في شرح الهداية (٤/ ٨٣٢).
(٣) البحر الزخار (٣/ ٢٧٠).
(٤) البحر الزخار (٣/ ٢٧٠).
(٥) وهو ما ذهب إليه الجمهور. انظر: إرشاد الفحول (ص ٣٨٤) بتحقيقي، وتيسير التحرير (١/ ٣٧٤).
(٦) سورة البقرة، الآية: (٢٨٢).
(٧) "ضوء النهار" (١٣/ ١١٣ - ١١١٤).
(٨) تقدم الكلام عليه.
وانظر: "إرشاد الفحول" (ص ٧٩٧) بتحقيقي، وشرح الكوكب المنير (٤/ ٤٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>