للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بأمهاتكم، ثم يوصيكم بأمهاتكم، ثم يوصيكم بالأقرب فالأقرب".

وأخرج الحاكم (١) من حديث أبي رمثة بلفظ: "أمك أمك وأباك، ثم أختك وأخاك، ثم أدناك أدناك".

قوله: (أمك)، فيه دليل: على أنَّ الأمّ أحقُّ بحسن الصحبة من الأب، وأولى منه بالبرِّ، حيث لا يتسع مال الابن إلا لنفقة واحد منهما. إليه ذهب الجمهور، كما حكاه القاضي عياض (٢) فإنه قال: ذهب الجمهور إلى أن الأم تفضل في البر على الأب.

وقيل: إنهما سواء، وهو مرويّ عن مالك (٣) وبعض الشافعية (٤).

وقد حكى الحارث المحاسبي (٥) الإجماع على تفضيل الأم على الأب.

قوله: (ثم الأقرب فالأقرب)، فيه دليل: على وجوب نفقة الأقارب على الأقارب، سواء كانوا وارثين أم لا.

وقد قدمنا تفصيل الخلاف في ذلك.

واستدلّ من اعتبر الميراث بقوله تعالى: ﴿وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ﴾ (٦).

قوله: (يد المعطي العليا)، هو تفسير للحديث المتقدم (٧) بلفظ: "اليد العليا خير من اليد السفلى".

قوله: (وابدأ بمن تعول) قد تقدم تفسيره.

قوله: (ثم أدناك أدناك) هو مثل قوله: "ثم الأقرب فالأقرب"، وفي ذلك دليل على أن القريب الأقرب أحقّ بالبرّ والإنفاق من القريب الأبعد وإن كانا جميعًا فقيرين حيث لم يكن في مال المنفق إلا مقدار ما يكفي أحدهما فقط بعد كفايته.


= انظر: الصحيحة (١٦٦٦).
والخلاصة: أن الحديث صحيح، والله أعلم.
(١) في المستدرك (٣/ ٦١١).
(٢) في إكمال المعلم بفوائد مسلم (٨/ ٥).
(٣) التهذيب في اختصار المدونة (٢/ ٤٠٣) ومدونة الفقه المالكي وأدلته (٣/ ١٢٩).
(٤) البيان للعمراني (١١/ ٢٦٠).
(٥) حكاه عنه الحافظ في "الفتح" (١٠/ ٤٠٢).
(٦) سورة البقرة، الآية: (٢٣٣).
(٧) تقدم برقم (٢٩٧٧) من كتابنا هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>