للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (فمالت إلى أمها، فقال النبيّ : "اللهمَّ اهدها")، استدلَّ بذلك على جواز نقل الصبيّ إلى من اختار ثانيًا، وقد نسبه صاحب البحر (١) إلى القائلين بالتخيير.

واستدلّ بحديث عبد الحميد (٢) المذكور على ثبوت الحضانة للأم الكافرة؛ لأن التخيير دليل ثبوت الحقّ.

وإليه ذهب أبو حنيفة (٣) وأصحابه، وابن القاسم (٤) وأبو ثور (٥).

وذهب الجمهور (٦) إلى أنه لا حضانة للكافرة على ولدها المسلم.

وأجابوا عن الحديث بما تقدم من المقال وبما فيه من الاضطراب.

ويجاب بأن الحديث صالح للاحتجاج به والاضطراب ممنوع باعتبار محل الحجة. وأما احتجاجهم بمثل قوله تعالى: ﴿وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا﴾ (٧)، وبنحو حديث: "الإسلام يعلو " (٨)، فغير نافع لأنه عامّ وحديث الباب خاص.

واعلم أنه ينبغي قبل التخيير والاستهام ملاحظة ما فيه مصلحة للصبيّ، فإذا كان أحد الأبوين أصلح للصبيّ من الآخر قدم عليه من غير قرعة ولا تخيير، هكذا قال ابن القيم (٩)، واستدلّ على ذلك بأدلة عامة نحو قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا﴾ (١٠)، وزعم أن قول من قال بتقديم التخيير أو القرعة مقيد بهذا.

وحكى عن شيخه ابن تيمية (١١) أنه قال: تنازع أبوان صبيًا عند الحاكم،


(١) البحر الزخار (٣/ ٢٨٤ - ٢٨٥).
(٢) تقدم برقم (٢٩٨٦) من كتابنا هذا.
(٣) نظر: البدائع (٤/ ٤٢ - ٤٤) والبناية (٥/ ٤٧٣) ورؤوس المسائل (٤/ ٤٠٩ - ٤١١).
(٤) البحر الزخار (٣/ ٢٨٤ - ٢٨٥).
(٥) موسوعة فقه أبي ثور (ص ٤٩١).
(٦) المغني (١١/ ٤١٣).
(٧) سورة النساء، الآية: (١٤١).
(٨) تقدم تخريجه (١١/ ٣٧٧ - ٣٧٨) من نيل الأوطار بتحقيقي.
(٩) في زاد المعاد (٥/ ٤٢٤).
(١٠) سورة التحريم، الآية: (٦).
(١١) حكاه ابن القيم عن شيخه ابن تيمية في زاد المعاد (٥/ ٤٢٤ - ٤٢٥).
وانظر الموضوع مطولًا في: "مجموع فتاوى شيخ الإسلام" (٣٤/ ١١٤ - ٢٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>