للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

التفضل لا الوجوب، كما تقتضيه العبارة، لأن الوجوب يقتضي العقاب على الترك، والمعروف والإحسان لا يقتضيان ذلك بدليل قوله تعالى: ﴿ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ﴾ (١)، ورد بأن التخفيف المذكور هو بالتخيير بين القصاص والدية لهذه الأمة بعد أن كان الواجب على بني إسرائيل هو القصاص فقط، ولم يكن فيهم الدية، ولا شك أن التخيير بين أمرين أوسع وأخفُّ من تعيين واحدٍ منهما كما في كلام ابن عباس (٢) المذكور في الباب.

ويدل على عدم سقوط الدية بسقوط القصاص حديث أبي هريرة (٣)، وأبي شُريح (٤) المذكوران.

وقد أخرج الترمذي (٥) وابن ماجه (٦) من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده بلفظ: "من قتل متعمدًا أسلم إلى أولياء المقتول، فإنْ أحبُّوا قتلوا وإنْ أحبُّوا أخذوا العقل ثلاثين (٧) حِقَّةً، وثلاثين جَذَعةً (٨)، وأربعين خِلْقَةً (٩) في بطونها أولادها".

وفي الكشاف (١٠) في تفسير الآية المذكورة ما لفظه: ﴿فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ﴾، فليكن


(١) سورة البقرة، الآية: (١٧٨).
(٢) تقدم برقم (٢٩٩٩) من كتابنا هذا.
(٣) تقدم برقم (٢٩٩٧) من كتابنا هذا.
(٤) تقدم برقم (٢٩٩٨) من كتابنا هذا.
(٥) في سننه رقم (١٣٨٧)، وقال: هذا حديث حسن غريب.
(٦) في سننه رقم (٢٦٢٦)، وهو حديث حسن.
(٧) هي أنثى الإبل التي أتمت ثلاث سنين، ودخلت في الرابعة، وسميت حِقة لأنها استحقت أن يطرقها الفحل.
(٨) هي أنثى الإبل التي أتمت أربع سنين ودخلت الخامسة.
(٩) الخلقة: هي الحوامل من النوق. القاموس المحيط (ص ١٠٤٢).
(١٠) الكشاف للزمخشري (١/ ٣٧١ - ٣٧٢).
• وأخرج هذا الكلام في معنى الآية ابن جرير في "جامع البيان" (٢/ ج ٢/ ١١١) عن قتادة.
• وكذلك ابن كثير في "تفسيره" (٢/ ١٦٥) عن قتادة.
• وأخرج البخاري في صحيحه رقم (٤٤٩٨): عن ابن عباس ﷿، قال: كان في بني إسرائيل القصاصُ ولم تكن فيهم الديةُ، فقال الله تعالى لهذه الأمة: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ﴾، فالعفو أن يقبل الدية في العمد ﴿فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ﴾ يتبع بالمعروف، ويؤدي بإحسان ﴿ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ﴾ مما كتب على من كان قبلكم ﴿فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ قتل بعد قبوله الدية.

<<  <  ج: ص:  >  >>