للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأجيب بأنه شرع لحفظ الدماء لقوله تعالى: ﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ﴾ (١)، وظاهر الحديث: أن القصاص والدية واجبان على التخيير، وإليه ذهبت الهادوية (٢) والناصر (٢)، وأبو حامد (٣)، والشافعي (٣) في قول له.

وقال مالك (٤) وأبو حنيفة (٥) وأصحابه، والشافعي في أحد قوليه، والناصر (٦) والدَّاعي (٦) والطبريُّ (٧): إنَّ الواجب بالقتل هو القصاص لا الدية، فليس للوليِّ اختيارها [إلا بالمراضاة] (٨) لقوله تعالى: ﴿عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى﴾ (٩)، ولم يذكر الدية.

ويجاب بأن عدم الذكر في الآية لا يستلزم عدم الذكر مطلقًا، فإن الدية قد ذكرت في حديثي الباب.

وأيضًا: تقدير الآية فمن اقتصَّ فالحرُّ بالحرِّ، ومن عُفي له من أخيه شيءٌ فالدّية، ويدلّ على ذلك تفسير ابن عباس المذكور.

وظاهر الحديث أيضًا: أنَّ الوليَّ إذا عفا عن القصاص لم تسقط الدية، بل يجب على القاتل تسليمها.

وروي عن مالك (١٠) وأبي حنيفة (١١) والشافعي (١٢) في قول له، والمؤيد بالله في قول له أيضًا أنها تتبع القصاص في السقوط.

ويؤيد عدم السقوط قوله تعالى: ﴿فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ﴾ (١٣)، وأجاب القائلون بالسقوط بأن المعروف والإحسان


(١) سورة البقرة، الآية: (١٧٩).
(٢) البحر الزخار (٥/ ٢٤١).
(٣) البيان للعمراني (١١/ ٤٢٩ - ٤٣٠).
(٤) بداية المجتهد (٤/ ٢٩٣) بتحقيقي، ومواهب الجليل (٨/ ٢٩٥) وعيون المجالس (٥/ ١٩٩١ - ١٩٩٢).
(٥) البناية في شرح الهداية (١٢/ ٨٦ - ٨٧).
(٦) البحر الزخار (٥/ ٢٤١).
(٧) في "جامع البيان" (٢/ ج ٢/ ١٠٥ - ١٠٦).
(٨) زيادة في المخطوط (ب).
(٩) سورة البقرة، الآية: (١٧٨).
(١٠) مدونة الفقه المالكي وأدلته (٤/ ٤٨٧).
(١١) بدائع الصنائع (٧/ ٢٤٦).
(١٢) البيان للعمراني (١١/ ٤٢٩ - ٤٣٠).
(١٣) سورة البقرة، الآية: (١٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>