للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

آية البقرة مفسرة لما أبهم في آية المائدة، أو تكون آية المائدة مطلقة، وآية البقرة مقيدة، والمطلق يحمل على المقيد (١).

وقد أيَّد بعضهم عدم ثبوت القصاص: بأنَّه لا يقتصّ من الحرّ بأطراف العبد إجماعًا، فكذا النفس، وأيَّد آخرُ ثبوت القصاص فقال: إنَّ العتق يقارن المثلة، فيكون جنايةً على حرٍّ في التحقيق حيث كان الجاني سيده.

ويجاب عن هذا: بأنه إنما يتمُّ على فرض بقاء المجني عليه بعد الجناية زمنًا يمكن فيه أن يتعقب الجناية العتقُ، ثم يتعقبه الموت؛ لأنه لا بد من تأخر المعلول عن العلة في الذهن، وإن تقارنا في الواقع.

وعلى فرض أن العبد يعتق بنفس المثلة، لا بالمرافعة وهو محل خلاف. وقد أجاب صاحب "المنحة" عن هذا الإشكال فقال: إنه يتمّ في صورة جدعه وخصيه لا في صورة قتله. انتهى.

وهذا وهمٌ؛ لأنَّ المراد بالمثلة في كلام المورد للتأييد هي المثلةُ بالعبد الموجبةُ لعتقه بالضرب واللطم ونحوهما؛ لا المثلة المخصوصة التي سرى ذهن صاحب "المنحة" إليها.

وقد أورد على المستدلين بقوله تعالى: ﴿الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ﴾ (٢) أنه يلزم على مقتضى ذلك أن لا يقتل العبدُ بالحرّ.

وأجيب بأن قتل العبد بالحرّ مجمع عليه (٣) فلا يلزم التساوي بينهما في ذلك.

وأورد أيضًا: بأنه يلزم أن لا يُقْتَل الذكر بالأنثى، ولا الأنثى بالذكر (٤) وسيأتي الجواب عن ذلك.


(١) انظر: "إرشاد الفحول" (ص ٥٤٢ - ٥٤٤) والبحر المحيط (٣/ ٤١٨).
(٢) سورة البقرة، الآية: (١٧٨).
(٣) "الإجماع" لابن المنذر (ص ١٤٤ - ١٤٥ رقم ٦٥٣).
(٤) المغني (١١/ ٥٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>