للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأجاب عنه النافون (أوَّلًا): بالمقال الذي تقدم فيه.

(وثانيًا): بالأحاديث القاضية بأنه لا يقتل حر بعبد، فإنها قد رويت من طرق متعددة يقوي بعضها بعضًا فتصلحُ للاحتجاج.

(وثالثًا): بأنه خارج مخرج التحذير.

(ورابعًا): بأنه منسوخ، ويؤيد دعوى النسخ فتوى الحسن بخلافه.

(وخامسًا): بأن النهي أرجح من غيره كما تقرر في الأصول.

والأحاديث المذكورة في أنه لا يقتل حر بعبد مشتملة عليه.

(وسادسًا): بأنه يفهم من دليل الخطاب في قوله تعالى: ﴿الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ﴾ (١) أنه لا يقتل الحر بالعبد، ولا يخفى أن هذه الأجوبة يمكن مناقشة بعضها، وقد عكس دعوى النسخ المثبتون فقالوا: إن الآية المذكورة منسوخة بقوله تعالى: ﴿النَّفْسَ بِالنَّفْسِ﴾ (٢).

واستدلوا أيضًا بالحديث المتقدم في أول الباب عن علي (٣): "أن النبي قال: المؤمنون تتكافأ دماؤهم".

ويجاب عن الاحتجاج بالآية المذكورة - أعني قوله: ﴿النَّفْسَ بِالنَّفْسِ﴾ هو (٤) - بأنها حكاية لشريعة بني إسرائيل لقوله تعالى في أوّل الآية: ﴿وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ﴾ (٤)، بخلاف قوله تعالى: ﴿الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ﴾ (٥)، فإنها خطاب لأمة محمد ، وشريعة من قبلنا إنما تلزمنا إذا لم يثبت في شرعنا ما يخالفها، وقد ثبت ما هو كذلك.

على أنه قد اختلف في التعبد بشرع من قبلنا من الأصل كما ذلك معروف في كتب الأصول (٦)، ثم إنا لو فرضنا أن الآيتين جميعًا تشريع لهذه الأمة لكانت


(١) سورة البقرة، الآية: (١٧٨).
(٢) سورة المائدة، الآية: (٤٥).
(٣) تقدم برقم (٣٠٠١) من كتابنا هذا.
(٤) سورة المائدة، الآية: (٤٥).
(٥) سورة البقرة، الآية: (١٧٨).
(٦) تقدم الكلام عنه، وانظر: "إرشاد الفحول" (ص ٧٧٩ - ٧٨٥) بتحقيقي، والبحر المحيط (٦/ ٣٩) والبرهان (١/ ٥٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>