للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وذهب الشافعي (١) إلى أنه يندب فقط، وتمسك بتمكينه الرجل المطعون بالقرن المذكور في حديث الباب من القصاص قبل البرء.

واستدلّ صاحب البحر (٢) على الوجوب بقوله : "اصبروا حتى يسفر الجرح".

وأصله: "أنَّ رجلًا طعن حسان بن ثابت، فاجتمعت الأنصار ليأخذ لهم النبيّ القصاص فقال: انتظروا حتى يبرأ صاحبكم ثم أقتصّ لكم، فبرأ حسان ثم عفا" (٣).

وهذا الحديث إن صحَّ فحديث عمرو بن شعيب قرينة لصرفه من معناه الحقيقي إلى معناه المجازيِّ، كما أنه قرينة لصرف النهي المذكور في حديث جابر (٤) إلى الكراهة.

وأما ما قيل من أن ظهور مفسدة التعجيل للنبيّ قرينةُ أن أمره الأنصار بالانتطار للوجوب، لأن دفع المفاسد واجب كما قال في "ضوء النهار" (٥).

فيجاب عنه: بأن محلَّ الحجة هو إذنه بالاقتصاص قبل الاندمال، وهو لا يأذن إلا بما كان جائزًا.

وظهور المفسدة غير قادح في الجواز المذكور، وليس ظهورها بكلي ولا أكثري حتى تكون معلومة عند الاقتصاص قبل الاندمال أو مظنونة، فلا يجب ترك الإذن دفعًا للمفسدة الناشئة منه نادرًا، نعم قوله: "ثم نهى أن يتقصّ من جرح … "إلخ.


(١) البيان للعمراني (١١/ ٤١٢).
(٢) البحر الزخار (٥/ ٢٣٨).
(٣) أخرج عبد الرزاق في "المصنف" رقم (١٧٩٩٠) عن الثوري، عن عيسى بن المغيرة، عن يزيد بن وهب أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى طريف بن ربيعة - وكان قاضيًا بالشام - أن صفوان بن المعطل ضرب حسان بن ثابت بالسيف فجاءت الأنصار إلى النبي فقالوا: القود، فقال النبي : "تنتظرون فإن برأ صاحبكم تقتصوا، وإن يمت نُقدكم"، فعوفي، فقالت الأنصار: قد علمتم أن هوى النبي في العفو، قال: فعفوا عنه، فأعطاه صفوان جارية، فهي أم عبد الرحمن بن حسان. بسند منقطع.
(٤) تقدم برقم (٣٠٢١) من كتابنا هذا.
(٥) ضوء النهار للجلال (٤/ ٢٣٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>