للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال أبو جعفر (١): وهذا قول أكثر أهل النظر وأن المشركين يقاتلون في الحرم وغيره بالقرآن والسنة، قال الله تعالى: ﴿فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ﴾ (٢)، وبراءة نزلت بعد البقرة بسنتين، وقال تعالى: ﴿وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً﴾ (٣).

وأما السنة فما روي (٤) أنه : "دخل وعلى رأسه المغفر فقتل ابن خطل".

وقد اختار صاحب "تيسير البيان" (٥) القول الأوّل وقرّره. وردّ دعوى النسخ؛ أما بآية براءة فلأن قوله تعالى في المائدة: ﴿لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ﴾ (٦) موافق لآية البقرة، والمائدة نزلت بعد براءة في قول أكثر أهل العلم بالقرآن، ثم إن كلمة "حيث" تدل على المكان، فهي عامة في أفراد الأمكنة، وآية البقرة نصّ في النهي عن القتال في مكان مخصوص وهو المسجد الحرام فتكون مخصصةً لآية "براءة"، ويكونُ التقديرُ: ﴿فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ﴾ (٧) إلا أن يكونوا في المسجد الحرام فلا تقتلوهم ﴿حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ﴾ (٨).

وأما قوله تعالى: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ﴾ (٩)، فهو مطلق في الأمكنة والأزمنة والأحوال، وآية البقرة مقيدة ببعض الأمكنة، فيكون ذلك المطلق مقيدًا بها، وإذا أمكن الجمع فلا نسخ.

هذا معنى كلامه، وهو طويل، ولكن في كون العام المتأخر يُخَصَّصُ بالخاصِّ المتقدم خلاف بين أهل الأصول (١٠)، والراجح التخصيص،


= علي أحمد الشامي، ووافته المنية قبل إكماله.
(١) في "الناسخ والمنسوخ" (١/ ٥٢١).
(٢) سورة التوبة، الآية (٥).
(٣) سورة التوبة، الآية (٣٦).
(٤) تقدم من حديث أنس برقم (٣٠٣٨) من كتابنا هذا.
(٥) ولعل الصواب "تيسير المنان في تفسير القرآن" تأليف السيد أحمد بن عبد القادر الكوكباني (مخطوط). وبحوزتي مخطوطتان له.
(٦) سورة المائدة، الآية (٢).
(٧) سورة التوبة، الآية (٥).
(٨) سورة البقرة، الآية (١٩١).
(٩) سورة البقرة، الآية (١٩٣).
(١٠) انظر: "إرشاد الفحول" (ص ٥٣٦ - ٥٣٨) بتحقيقي.
والبحر المحيط (٣/ ٤٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>