للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويؤيده أيضًا أن الجاني في الحرم هاتك لحرمته بخلاف الملتجئ إليه.

وأيضًا لو ترك الحدّ والقصاص على من فعل ما يوجبه في الحرم لعَظم الفساد في الحرم.

وظاهر أحاديث الباب المنع مطلقًاص غير فرق بين اللاجئ إلى الحرم، والمرتكب لما يوجب حدًّا أو قصاصًا في داخله وبين قتل النفس أو قطع العضو، والآية التي فيها الإذن بمقاتلة من قاتل عند المسجد الحرام لا تدل إلا على جواز المدافعة لمن قاتل حال المقاتلة كما يدل على ذلك التقييد بالشرط.

وقد اختلف العلماء في كون هذه الآية منسوخة ومحكمة، حتى قال أبو جعفر في كتاب "الناسخ والمنسوخ" (١): إنها من أصعب ما في الناسخ والمنسوخ. فممن قال بأنها محكمة: مجاهد (٢) وطاوس (٣)، وأنه لا يجوز الابتداء بالقتال في الحرم تمسكًا بظاهر الآية وبأحاديث الباب، وقال في جامع البيان (٤): إن هذا قول الأكثر.

ومن القائلين بالنسخ قتادة (٥) قال: والناسخ لها قوله تعالى: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ﴾ (٦).

وقيل بآية التوبة كما ذكر النَّجري (٧).


(١) في "الناسخ والمنسوخ في كتاب الله ﷿ واختلاف العلماء في ذلك" (١/ ٥١٩).
(٢) أخرج الطبري في "جامع البيان" (٣/ ٥٦٧ رقم ٣١٠٨ - شاكر) عن ابن أبي نجيح - هو عبد الله بن أبي نجيح - عن مجاهد: "فإن قاتلوكم" في الحرم فاقتلوهم كذلك جزاء الكافرين، لا تقاتل أحدًا فيه، فمن عدا عليك فقاتلك، فقاتله كما يقاتلك.
(٣) ذكره القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" (٢/ ٣٥١).
(٤) في "جامع البيان" (٢/ ج ٢/ ١٩٣).
(٥) أخرج الطبري في "جامع البيان" (٣/ ٥٦٧ رقم ٣١٠٥ - شاكر) عن قتادة قوله: ﴿وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ﴾، كانوا لا يقاتلون فيه حتى يُبدأوا بالقتال، ثم نسخ بعدُ ذلك فقال: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ﴾، حتى لا يكون شرك، ﴿وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ﴾، أن يقال: لا إله إلا الله، عليها قاتل نبيُّ الله، وإليها دعا".
وانظر الأثر رقم (٣١٠٦ - شاكر).
(٦) سورة البقرة، الآية: (١٩٣).
(٧) في "شافي العليل في شرح الخمسمائة آية من التنزيل" (١/ ١٩٣) بتحقيق وتعليق: أحمد =

<<  <  ج: ص:  >  >>