للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكذلك في الإسلام كما قاله ابن عمر في الأثر المذكور (١)، وكما روى الإمام أحمد عن عمر بن الخطاب أنه قال: لو وجدت فيه قاتل الخطاب ما مسسته حتى يخرج منه.

وهكذا روي عن ابن عباس أنه قال: لو وجدت قاتل أبي في الحرم (٢) ما هجته (٣).

وأما الاستدلال بحديث أنس المذكور (٤) فوهم، لأن النبيّ أمر بقتل ابن خطل في الساعة التي أحل الله له فيها القتال بمكة، وقد أخبرنا بأنها لم تحل لأحد قبله ولا لأحد بعده، وأخبرنا أن حرمتها قد عادت بعد تلك الساعة كما كانت.

وأما الاستدلال بعموم الأدلة القاضية باستيفاء الحدود فيجاب:

(أولًا) بمنع عمومها لكل مكان وكل زمان لعدم التصريح بهما. وعلى تسليم العموم فهو مخصص بأحاديث الباب لأنها قاضية بمنع ذلك في مكان خاصٍّ وهي متأخرة فإنها في حجة الوداع بعد شرعية الحدود.

هذا إذا ارتكب ما يوجب حدًّا أو قصاصًا في خارج الحرم ثم لجأ إليه.

وأما إذا ارتكب ما يوجب حدًّا أو قصاصًا في الحرم؛ فذهب بعض العترة إلى أنه يخرج من الحرم ويقام عليه الحدّ.

وروى أحمد عن ابن عباس أنه قال: "من سرق أو قتل في الحرم أقيم عليه في الحرم".

ويؤيد ذلك قوله تعالى: ﴿وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ﴾ (٥).


(١) تقدم بإثر الحديث رقم (٣٠٤٢) من كتابنا هذا.
(٢) الحرم: المراد به: حرم مكة، فتكون الألف واللام للعهد. وقال ابن مفلح: قال بعض أصحابنا: حرم المدينة كمكة.
انظر: "المبدع" (٨/ ٣٦٢)، و"الإنصاف" (١٠/ ٧٥).
(٣) هاج الشيء يهيج هيجًا وهيجانًا، واهتاج وتهيج: أي ثار، وهاجه غيره، يتعدى ويلزم، وتهايج الفريقان: إذا تواثبا للقتال. فلم يهجه أي لم يزعجه، ولم ينفره، الصحاح (١/ ٣٥٢)، واللسان (٢/ ٣٩٥).
(٤) تقدم برقم (٣٠٣٨) من كتابنا هذا.
(٥) سورة البقرة، الآية: (١٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>