للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (بِذُحُوْلِ الجاهلية) جمع ذَحْل - بفتح الذال المعجمة وسكون الحاء المهملة -: وهو الثأر وطلب المكافأة والعداوة (١) أيضًا.

والمراد هنا: طلب من كان له دم في الجاهلية بعد دخوله في الإسلام.

والمراد: أن هؤلاء الثلاثة، أعتى أهل المعاصي، وأبغضُهم إلى الله، وإلا فالشرك أبغضُ إليه من كل معصية، كذا قال المهلب (٢) وغيره.

وقد استُدِلَّ بحديث أنس المذكور (٣) على أن الحرم لا يعصِم من إقامة واجب، ولا يؤخر لأجله عن وقته، كذا قال الخطابي (٤)، وقد ذهب إلى ذلك مالك (٥) والشافعي (٦)، وهو اختيار ابن المنذر (٧).

ويؤيد ذلك عموم الأدلة القاضية باستيفاء الحدود في كل مكان وزمان.

وذهب الجمهور من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، والحنفية (٨) وسائر أهل العراق، وأحمد (٩) ومن وافقه من أهل الحديث والعترة: إلى أنه لا يحلّ لأحدٍ أن يسفك بالحرم دمًا، ولا يقيم به حدًّا حتى يخرج عنه من لجأ إليه.

واستدلوا على ذلك بعموم حديث أبي هريرة (١٠)، وأبي شريح (١١)، وابن عباس (١٢)، وعبد الله بن عمر (١٣)، وعموم قوله تعالى: ﴿وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا﴾ (١٤)، وهو الحكم الثابت قبل الإسلام وبعده، فإن الجاهلية كان يرى أحدهم قاتل أبيه أو قاتل ابنه فلا يهيجه.


(١) النهاية (١/ ٦٠٠) والقاموس المحيط (ص ١٢٩١، ١٢٩٤).
(٢) حكاه عنه الحافظ في "الفتح" (١٢/ ٢١٠).
(٣) تقدم برقم (٣٠٣٨) من كتابنا هذا.
(٤) في أعلام الحديث له (٢/ ٩٢١).
(٥) عيون المجالس (٥/ ٢٠١٩ رقم المسألة (١٤٤٩).
(٦) روضة الطالبين (٩/ ٢٢٤).
(٧) الإشراف له (٢/ ١٢٢ - ١٢٣) وذكره ابن قدامة في المغني (١٢/ ٤١٠).
(٨) في "مختصر اختلاف العلماء" للطحاوي (٥/ ٩١ - ٩٢).
(٩) الإنصاف للمرداوي (١٠/ ١٦٧ - ١٦٨) والمغني (١٢/ ٤٠٩ - ٤١٣).
(١٠) تقدم برقم (٣٠٣٩) من كتابنا هذا.
(١١) تقدم برقم (٣٠٤٠) من كتابنا هذا.
(١٢) تقدم برقم (٣٠٤١) من كتابنا هذا.
(١٣) تقدم برقم (٣٠٤٢) من كتابنا هذا.
(١٤) سورة آل عمران، الآية: (٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>