للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أو يكون المصدر بمعنى اسم المفعول: أي أوّل مقضيٍّ فيه الدماء.

وقد استشكل الجمع بين هذا الحديث والحديث الذي أخرجه أصحاب السنن (١) عن أبي هريرة بلفظ: "أول ما يحاسب العبد عليه صلاته".

وأجيب بأن الأول يتعلق بمعاملات العباد، والثاني بمعاملات الله [تعالى] (٢).

قال الحافظ (٣): على أنَّ النسائي (٤) أخرجهما في حديث واحد أورده من طريق أبي وائل عن ابن مسعود رفعه: "أول ما يحاسب العبد به الصلاة، وأول ما يقضى بين الناس في الدماء".

وقد استدلّ بحديث ابن مسعود الأوّل (٥) المذكور على أن القضاء يختصّ بالناس ولا يكون بين البهائم وهو غلط، لأن مفاده حصر الأوّلية في القضاء بين الناس، وليس فيه نفي القضاء بين البهائم مثلًا بعد القضاء بين الناس.

قوله: (على ابن آدم الأوّل) هو قابيل عند الأكثر، وعكس القاضي جمال الدين بن واصل في تاريخه (٦) فقال: اسم المقتول قابيل اشتقّ من قبول قربانه. وقيل: اسمه قابن بنون بدل اللام بغير ياء. وقيل: قبن، مثله بغير ألف.


(١) أبو داود رقم (٨٦٥) والترمذي رقم (٤١٣) والنسائي رقم (٤٦٧) وابن ماجه رقم (١٤٢٥).
قال الترمذي: حسن غريب من هذا الوجه.
قلت: وأخرجه أحمد (٢/ ٢٩٠) وإسحاق بن راهويه رقم (٥٠٦) من حديث أبي هريرة.
وهو حديث صحيح.
(٢) زيادة من المخطوط (ب).
(٣) في "الفتح" (٢/ ١٨٩).
(٤) في سننه رقم (٣٩٩١).
وهو حديث صحيح.
(٥) تقدم برقم (٣٠٤٣) من كتابنا هذا.
(٦) حكاه عنه الحافظ في "الفتح" (١٢/ ١٩٣).
قال الحافظ ابن كثير في "تفسيره" (٥/ ١٦٦): " … المشهور عند الجمهور أن الذي قرب الشاة هو (هابيل)، وأنَّ الذي قرب الطعام هو (قابيل)، وأنه تقبل من هابيل شاته - حتى قال ابن عباس وغيره: إنها الكبش الذي فدى به الذبيح، وهو مناسب، والله أعلم. ولم يتقبل من قابيل.
كذلك نص عليه غير واحد من السلف والخلف، وهو المشهور عن مجاهد أيضًا، ولكن روى ابن جرير عنه أنه قال: الذي قرب الزرع قابيل، وهو المتقبل منه، وهذا خلاف المشهور، ولعله لم يحفظ عنه جيدًا، والله أعلم". اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>