للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال: واتفق أهل السنَّة على وجوب منع الطعن علي أحد من الصحابة بسبب ما وقع لهم من ذلك، ولو عرف المحقَّ منهم؛ لأنهم لم يقاتلوا في تلك الحروب إلا عن اجتهاد، وقد عفا الله عن المخطئ في الاجتهاد، بل ثبت: أنَّه يؤجر أجرًا واحدًا، وأنَّ المصيب يؤجر أجرين.

قال الطبري (١): لو كان الواجب في كل اختلاف يقع بين المسلمين الهرب منه بلزوم المنازل، وكسر السيوف، لما أقيم حقّ ولا أبطل باطل، ولوجد أهلُ الفسوق سبيلًا إلى ارتكاب المحرمات؛ من أخذ الأموال، وسفك الدماء، وسبي الحريم بأن يحاربوهم، ويكفّ المسلمون أيديهم ويقولوا: هذه فتنة وقد نهينا عن القتال فيها، وهذا مخالف للأمر بالأخذ على أيدي السفهاء. اهـ.

وقد أخرج البزار (٢) زيادة في هذا الحديث تبين المراد، وهي: "إذا اقتتلتم على الدنيا فالقاتل والمقتول في النار".

ويؤيده ما أخرجه مسلم (٣) بلفظ: "لا تذهب الدنيا حتى يأتي على الناس زمان لا يدري القاتل فيم قَتَلَ، ولا المقتول فيم قُتِلَ؟ " فقيل: كيف يكون ذلك؟ قال: "الهرج، القاتلُ والمقتول في النار".

قال القرطبي (٤): فبين هذا الحديث أن القتال إذا كان على جهل من طلب دنيا أو اتباع هوى فهو الذي أريد بقوله: "القاتل والمقتول في النار".

قال الحافظ (٥): ومن ثم كان الذين توقفوا عن القتال في الجمل وصفِّين أقل عددًا من الذين قاتلوا، وكلهم متأوّل مأجور إن شاء الله [تعالى] (٦) بخلاف من جاء بعدهم ممن قاتل على طلب الدنيا. اهـ.

وهذا يتوقف على صحة نيات جميع المقتتلين في الجمل وصفين وإرادة كل


(١) ذكره الحافظ في "الفتح" (١٣/ ٣٤).
(٢) أخرجه البزار كما في "الفتح" (١٣/ ٣٤).
ولم أقف عليه في "كشف الأستار" وكذلك في الأجزاء المطبوعة من البحر الزخار.
(٣) في صحيح رقم (٥٦/ ٢٩٠٨).
(٤) في "التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة" (٢/ ٤٣٩ بإثر الحديث رقم ١٨٢١).
(٥) في "الفتح" (١٣/ ٣٤).
(٦) زيادة من المخطوط (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>