للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

واحتجَّ به من لم ير القتال في الفتنة، وهم كل من ترك القتال مع عليٍّ في حروبه: كسعد بن أبي وقاص، وعبد الله بن عمر، ومحمد بن مسلمة، وأبي بكرة، وغيرهم، وقالوا: يجب الكفُّ حتى لو أراد قتله لم يدفعه عن نفسه.

ومنهم من قال: لا يدخل في الفتنة، فإن أرادَ أحدٌ قتلَهُ دفع عن نفسه. انتهى.

ويدلُّ على القول الآخر حديث أبي هريرة عند أحمد (١) ومسلم (٢)، وقد تقدم في باب دفع الصائل من كتاب الغصب (٣)، وفيه: "أرأيت إن قاتلني؟ قال: قاتله".

ويدلّ على القول الأوّل ما تقدم من الأحاديث في باب أن الدفع لا يلزم المصول عليه من ذلك الكتاب (٤). قال في الفتح (٥): وذهب جمهور الصحابة والتابعين إلى وجوب نصرة الحقّ وقتال الباغين.

وحمل هؤلاء الأحاديث الواردة في ذلك على من ضعف عن القتال، أو قصر نظره عن معرفة صاحب الحقِّ.


= من النصوص يفسر الآخر ويبينه، فكما أن نصوص الوعد على الأعمال الصالحة مشروطة بعدم الكفر المحبط، لأن القرآن قد دل على أن من ارتد فقط حبط عمله، فكذلك نصوص الوعد للكفار والفساق مشروطة بعدم التوبة، لأن القرآن قد دل على أن الله يغفر الذنوب جميعًا لمن تاب، وهذا متفق عليه بين المسلمين، فإن الله قد بيّن بنصوص معروفة أن الحسنات يذهبن السيئات، وأن من يعمل مثقال ذرة خيرًا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرًا يره … " إلى أن قال: "فجعل للسيئات ما يوجب رفع عقابها كما جعل للحسنات ما قد يبطل ثوابها، لكن ليس شيء يبطل جميع السيئات إلا التوبة كما أنه ليس شيء يبطل جميع الحسنات إلا الردة" اهـ. انظر: "فرق معاصرة" (٢/ ٨٤٣ - ٨٤٥) و"المعتزلة" وأصولهم الخمسة وموقف أهل السنة منها" (ص ٢٦٢ - ٢٦٤).
(١) في المسند (٢/ ٣٦٠).
(٢) في صحيحه رقم (٢٢٥/ ١٤٠).
وهو حديث صحيح.
(٣) تقدم في الباب السابع عند الحديث رقم (٢٤٤١) من كتابنا هذا.
(٤) تقدم في الباب الثامن عند الحديث رقم (٢٤٤٤ - ٢٤٤٧) من كتابنا هذا.
(٥) في "الفتح" (١٣/ ٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>