للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إني بُلِيتُ بأهلِ الجهلِ في زَمَنٍ … قامُوا بهِ ورجالُ العِلْم قد قعدُوا

ومما يؤيد ما تقدم من التأويل للحديث المذكور ما أخرجه مسلم (١) عن أبي هريرة يرفعه: "من قاتل تحت راية عُمِّيَّةٍ يغضب لعصبيةٍ أو يدعو إلى عصبيّة أو ينصرُ عصبيةً، فقتل؛ فقتلة جاهلية".

وقد قدَّمنا ما هو أبسط من هذا الكلام في باب دفع الصائل (٢)، وباب أن الدفع لا يلزم المصول عليه (٣) من كتاب الغصب فراجعه.

قوله: (فقيل: هذا القاتل فما بال المقتول)، القائل هو أبو بكرة كما وقع مبينًا في رواية مسلم (٤). ومعنى ذلك أن هذا القاتل قد استحق النار بذنبهم وهو الإقدام على قتل صاحبه، فما بال المقتول؟ أي: فما ذنبه.

قوله: (قال: قد أراد قتل صاحبه)، في لفظ للبخاري (٥) في كتاب الإيمان: "إنه كان حريصًا على قتل صاحبه".

وقد استدلّ بذلك من ذهب إلى المؤاخذة بالعزم وإن لم يقع الفعل.

وأجاب من لم يقل بذلك أن في ذلك فعلًا وهو المواجهة بالسلاح ووقوع القتال، ولا يلزم من كون القاتل والمقتول في النار أن يكونا في مرتبة واحدة، فالقاتل يعذّب على القتال والقتل، والمقتول يعذّب على القتال فقط، فلم يقع التعذيب على العزم المجرّد، ويؤيد هذا حديث: "إن الله تجاوز لأمتي ما حدّثت به أنفسها ما لم يتكلموا به [أو] (٦) يعملوا" (٧).

قال في الفتح (٨): والحاصل أن المراتب ثلاث: الهمّ المجرّد وهو يثاب


(١) في صحيحه رقم (٥٣/ ١٨٤٨).
(٢) الباب السابع عند الحديث رقم (٢٤٤١ - ٢٤٤٣) من كتابنا هذا.
(٣) الباب الثامن عند الحديث رقم (٢٤٤٤ - ٢٤٤٧) من كتابنا هذا.
(٤) في صحيحه برقم (١٤/ ٢٨٨٨).
(٥) في صحيحه رقم (٣١).
(٦) في المخطوط (أ): (و).
(٧) أخرجه أحمد في المسند (٢/ ٤٢٥) والبخاري رقم (٢٥٢٨) ومسلم رقم (٢٠١/ ١٢٧) من حديث أبي هريرة.
وهو حديث صحيح.
(٨) (١٣/ ٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>