للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عليه ولا يؤاخذ به، واقتران الفعل بالهمّ أو بالعزم ولا نزاع في المؤاخذة به، والعزم وهو أقوى من الهمّ وفيه النزاع.

قوله: (يتوجأ) (١) أي يضرب بها نفسه، وحديث جندب البجلي (٢)، وأبي هريرة (٣)، يدلان على أن من قتل نفسه من المخلدين في النار، فيكون عموم إخراج الموحدين مخصصًا بمثل هذا وما ورد في معناه كما حققنا ذلك مرارًا.

وظاهر حديث جابر (٤) المذكور يخالفهما فإن الرجل الذي قطع براجمه بالمشاقص ومات من ذلك أخبر بعد موته الرجل الذي رآه في المنام بأن الله تعالى غفر له، ووقع منه التقرير لذلك بل دعا له.

ويمكن الجمع بأنه لم يرد قتل نفسه بقطع البراجم، وإنما حمله الضجر وما حلّ به من المرض على ذلك بخلاف الرجل المذكور في حديث جندب (٢) فإنه قطع يده مريدًا لقتل نفسه، وعلى هذا فتكون الأحاديث الواردة في تخليد من قتل نفسه في النار وتحريم الجنة عليه مقيدة بأن يكون مريدًا للقتل (٥).


(١) النهاية (٢/ ٨٢٤).
(٢) تقدم برقم (٣٠٤٨) من كتابنا هذا.
(٣) تقدم برقم (٣٠٤٩) من كتابنا هذا.
(٤) تقدم برقم (٣٠٥١) من كتابنا هذا.
(٥) في هذا إشكال يقتضي تخليد الموحد في النار. وقد أجاب الحافظ ابن حجر في "الفتح" (٦/ ٥٠٠) عليه من أوجه:
"(أحدها) أنه كان استحل ذلك الفعل فصار كافرًا.
(ثانيها): كان كافرًا في الأصل وعوقب بهذه المعصية زيادة على كفره.
(ثالثها): أن المراد أن الجنة حرمت عليه في وقت ما كالوقت الذي يدخل فيه السابقون، أو الوقت الذي يعذب فيه الموحدون في النار ثم يخرجون.
(رابعها): أن المراد جنة معينة كالفردوس مثلًا.
(خامسها): أن ذلك ورد على سبيل التغليظ والتخويف، وظاهره غير مراد.
(سادسها): أن التقدير حرمت عليه الجنة إن شئت استمرار ذلك.
(سابعها): قال النووي: يحتمل أن يكون ذلك شرع من مضى أن أصحاب الكبائر يكفرون بفعلها". اهـ.
• وقد بوَّب الإمام النووي في شرحه لصحيح مسلم (٢/ ١٣٠) على حديث الطفيل بن عمرو - رقم ١٨٤/ ١١٦)، آخر أحاديث هذا الباب -: (باب الدليل على أن قاتل نفسه لا يكفر".
ثم قال النووي (٢/ ١٣١ - ١٣٢): "أما أحكام الحديث ففيه حجة لقاعدة عظيمة لأهل =

<<  <  ج: ص:  >  >>