للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وما أخرجه الترمذي (١) وصححه من حديث صفوان بن عسال قال: قال رسول الله : "باب مِنْ قِبَل المغرب يسير الراكب في عرضه أربعين أو سبعين سنة، خلقه الله تعالى يوم خلق السموات والأرض مفتوح للتوبة لا يغلق حتى تطلع الشمس من مغربها".

وأخرج الترمذي (٢) أيضًا عن ابن عمر أن رسول الله قال: "إن الله ﷿ يقبل توبة العبد ما لم يغرغر".

وأخرج مسلم (٣) من حديث أبي موسى أن رسول الله قال: "إنَّ الله ﷿ يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها".

ونحو هذه الأحاديث مما يطول تعداده. لا يقال: إن هذه العمومات مخصصة بقوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا﴾ (٤) الآية. لأنَّا نقول: الآية أعمُّ من وجه وهو شمولها للتائب وغيره، وأخصُّ من وجه: وهو كونها في القاتل، وهذه العمومات أعمّ من وجه: وهو شمولها لمن كان ذنبه القتل، ولمن كان ذنبه غير القتل؛ وأخصُّ من وجه: وهو كونها في التائب، وإذا تعارض عمومان لم يبق إلا الرجوع إلى الترجيح.

ولا شكّ أن الأدلة القاضية بقبول التوبة مطلقًا أرجح لكثرتها، وهكذا أيضًا يقال: إنَّ الأحاديث القاضية بخروج الموحدين من النار وهي متواترة المعنى، كما يعرف ذلك من له إلمام بكتب الحديث، تدلُّ على خروج كلِّ موحدٍ، سواء كان ذنبه القتل أو غيره، والآية القاضية بخلود من قتل نفسًا هي أعمُّ من أن يكون القاتل موحدًا، أو غير موحد، فيتعارض عمومان وكلاهما ظنيِّ الدلالة، ولكن عموم آية القتل قد عورض بما سمعته بخلاف أحاديث خروج


(١) في سننه رقم (٣٥٣٥) وقال: هذا حديث حسن صحيح.
وهو حديث حسن.
(٢) في سننه رقم (٣٥٣٧) وقال: هذا حديث حسن غريب.
وهو حديث حسن.
(٣) في صحيحه رقم (٣١/ ٢٧٥٩).
(٤) سورة النساء، الآية (٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>