للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الموحدين، فإنها إنما عورضت بما هو أعم منها مطلقًا كآيات الوعيد للعصاة (١) الدالة على الخلود الشاملة للكافر والمسلم، ولا حكم لهذه المعارضة أو بما هو أخص منها مطلقًا كالأحاديث القاضية بتخليد بعض أهل المعاصي نحو من قتل نفسه، وهو يبني العام على الخاص، وبما قررناه يلوح كل انتهاض القول بقبول توبة القاتل إذا تاب وعدم خلوده في النار إذا لم يتب.

ويتبين لك أيضًا أنه لا حجة فيما احتج به ابن عباس من أن آية الفرقان مكية منسوخة بقوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا [مُتَعَمِّدًا] (٢)(٣) الآية كما أخرج ذلك عنه البخاري (٤) ومسلم (٥) وغيرهما (٦).

وكذلك لا حجة له فيما أخرجه النسائي (٧) والترمذي (٨) عنه أنه سمع رسول الله يقول: "يجيء المقتول متعلقًا بالقاتل يوم القيامة ناصيته ورأسه بيده وأوداجه تشخب دمًا يقول: يا رب قتلني هذا حتى يدنيه من العرش".

وفي رواية للنسائي (٩): "فيقول: أي رب سل هذا فيم قتلني؟ ".

لأن غاية ذلك وقوع المنازعة بين يدي الله ﷿، وذلك لا يستلزم أخذ التائب بذلك الذنب ولا تخليده في النار على فرض عدم التوبة.


(١) (منها): قوله تعالى في سورة النساء الآية (١٦٨، ١٦٩): ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا (١٦٨) إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (١٦٩)﴾.
(ومنها): قوله تعالى في سورة النساء الآية (١٤): ﴿وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ (١٤)﴾.
(ومنها): قوله تعالى في سورة النساء الآيةَ (٩٣): ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا (٩٣)﴾.
(٢) ما بين الخاصرتين سقط من المخطوط (ب).
(٣) سورة النساء، الآية (٩٣).
(٤) في صحيحه رقم (٤٥٩٠).
(٥) في صحيحه رقم (١٦/ ٣٠٢٣).
(٦) كأحمد في المسند (١/ ٢٤٠).
(٧) في سننه رقم (٣٩٩٩).
(٨) في سننه رقم (٣٠٢٩) وقال: هذا حديث حسن غريب.
وهو حديث صحيح.
(٩) في سننه رقم (٣٩٩٨) بسند صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>