للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

"لما كان يوم أحد هزم المشركون فصاح إبليس: أيّ عباد الله أُخْرَاكُم، فرجعت أولاهم فاجتلدت هي وأخراهم، فنظر حذيفة فإذا هو بأبيه اليمان فقال: أي عباد الله أبي أبي، قالت: فوالله ما احتجزوا حتى قتلوه، قال حذيفة: غفر الله لكم، قال عروة: فما زالت في حذيفة منه بقية خير حتى لحق بالله".

وقد أخرج أبو إسحاق الفزاريُّ في السيرة عن الأوزاعيِّ عن الزهري قال: أخطأ المسلمون بأبي حذيفة يوم أحد حتى قتلوه، فقال حذيفة: يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين، فبلغت النبي فوداه من عنده (١).

وأخرج أبو العباس السَّراج في "تاريخه" (٢) من طريق عكرمة: "أن والد حذيفة قتل يوم أحد قتله بعض المسلمين وهو يظن أنه من المشركين فوداه رسول الله ".

قال في الفتح (٣): ورجاله ثقات مع إرساله. انتهى.

وهذان المرسلان يقويان مرسل عروة المذكور (٤) في الباب في دفع أصل الدية، وإن كان حديث عروة يدل على أنه لم يحصل منه إلا مجرد القضاء بالدية، ومرسل الزهري وعكرمة يدلان على أنه وداه من عنده.

وحديث محمود بن لبيد المذكور (٥) يدل على أن حذيفة تصدق بدية أبيه على المسلمين، ولا تعارض بينه وبين تلك المرسلات لأن غاية ما فيها أنه وقع القضاء منه بالدية أو وقع منه الدفع لها من بيت المال، وليس فيها أن حذيفة قبضها وصيرها من جملة ماله حتى ينافي ذلك تصدقه بها عليهم.

ويمكن الجمع أيضًا بين تلك المرسلات بأنه وقع منه القضاء بالدية، ثم


(١) أخرج الحارث في مسنده (ج ٢ رقم ٥٢١ - بغية الباحث):
حدثنا معاوية بن عمرو، ثنا أبو إسحاق، عن الأوزاعي، عن الزهري، قال: أخطأ المسلمون بأبي حذيفة يوم أحد، فجعل يقول: أبي أبي. فلم يفهموا عنه حتى قتلوه، فقال: يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين، فبلغت رسول الله فزاده عنده خيرًا، ووداه رسول الله من عنده". بسند ضعيف.
(٢) كما في "الفتح" (٢١٨/ ١٢).
(٣) (١٢/ ٢١٨)، وقال الحافظ: مرسل بسند رجاله ثقات.
(٤) تقدم برقم (١٩/ ٣٠٧٣) من كتابنا هذا.
(٥) تقدم برقم (١٨/ ٣٠٧٢) من كتابنا هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>