للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الخفين، وأما إذا كان المسح غير ثابت قبل نزولها فلا نسخ بالقطع.

نعم، يمكن أن يقال على التقدير الأول: إن الأمر بالغسل نهي عن ضده، والمسح على الخفين من أضداد الغسل المأمور به، لكن كون الأمر بالشيء نهيًا عن ضده محل نزاع واختلاف (١)، وكذلك كون المسح على الخفين ضدًا للغسل، وما كان بهذه المثابة حقيق بأن لا يعول عليه لا سيما في إبطال مثل هذه السنة التي سطعت أنوار شموسها في سماء الشريعة المطهرة.

والعقبة الكؤود في هذه المسألة نسبة القول بعدم إجزاء المسح على الخفين إلى جميع العترة المطهرة، كما فعله الإِمام المهدي في البحر، ولكنه يهون الخطب بأن إمامهم وسيدهم أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب [] (٢) من القائلين بالمسح على الخفين (٣)، وأيضًا هو إجماع ظني، وقد صرح جماعة من الأئمة منهم: الإِمام يحيى بن حمزة (٤) بأنها تجوز مخالفته (٥). وأيضًا فالحجة إجماع جميعهم، وقد تفرقوا في البسيطة وسكنوا الأقاليم المتباعدة، وتمذهب كل واحد منهم بمذهب أهل بلده، فمعرفة إجماعهم في جانب التعذر. وأيضًا لا يخفى على المنصف ما ورد على إجماع الأمة من الإِيرادات التي لا يكاد ينتهض معها للحجية بعد تسليم إمكانه ووقوعه. وانتفاء حجية الأعم يستلزم انتفاء حجية الأخص.

وللمسح شروط وصفات، وفي وقته اختلاف، وسيذكر المصنف


(١) انظر رسالة الإمام الشوكاني بعنوان "بحث في كون الأمرِ بالشيء نهيًا عن ضده" بتحقيقي.
(٢) زيادة من (جـ).
(٣) تقدم تخريجه قريبًا.
(٤) هو يحيى بن حمزة بن علي الحسيني الموسوي الإمام العلامة صاحب المؤلفات الكثيرة منها "الانتصار" ومنها، الطراز في علوم البلاغة، وهو مطبوع بمصر. ومنها غير ذلك ولد بـ "حوث" في صفر سنة ٦٦٧ هـ وقام بالدعوة سنة ٧٢٩ هـ وتوفي بحصن هران" سنة ٧٤٩ هـ. ونقل إلى "ذمار" فدفن بها.
[مقدمة البحر الزخار صفحة (ض)].
(٥) لأنه إجماع طائفة معينة وهي العترة، فلا يعد من الإجماع الاصطلاحي المقصود، على رأي جمهور الأصوليين.
انظر: "الإجماع" في "إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول" بتحقيقي.

<<  <  ج: ص:  >  >>