للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والحاصل أنه لم يكن في الباب ما ينبغي إثبات الأحكام الشرعية بمثله، فالمتوجه الرجوع إلى الأحاديث القاضية بضمان العاقلة مطلقًا لجناية الخطأ، ولا يخرج عن ذلك إلا ما كان عمدًا. وظاهره عدم الفرق بين كون الجناية الواقعة على جهة العمد من الرجل على غيره أو على نفسه، وإليه ذهبت العترة (١) والحنفية (٢) والشافعية (٣)، وذهب الأوزاعي وأحمد (٤) وإسحاق إلى أن جناية العمد على نفس الجاني مضمونة على عاقلته.

واعلم أنه [قد] (٥) وقعَ الإجماع على أن دية الخطأ مؤجلة على العاقلة.

ولكن اختلفوا في مقدار الأجل، فذهب الأكثر إلى أن الأجل ثلاث سنين. وقال ربيعة: إلى خمس، وحكي في البحر (٦) عن بعض الناس بعد حكايته للإجماع السابق أنه تكون حالة إذ لم يرو عنه تأجيلها.

قال في البحر (٧): قلنا: روي عن علي أنه قضى بالدية على العاقلة في ثلاث سنين (٨)، وقاله عمر (٩) وابن عباس ولم ينكرا. انتهى.

قال الشافعي (١٠) في المختصر: لا أعلم مخالفًا أن رسول الله قضى بالدية على العاقلة في ثلاث سنين.

قال الرافعي (١١): تكلم أصحابنا في ورود الخبر بذلك، فمنهم من قال: ورد ونسبه إلى رواية علي ، ومنهم من قال: ورد أنه قضى بالدية على العاقلة. وأما التأجيل فلم يرد به الخبر وأخذ ذلك من إجماع الصحابة.

وقال ابن المنذر (١١): ما ذكره الشافعي لا نعرفه أصلًا من كتاب ولا سنة،


(١) البحر الزخار (٥/ ٢٥٣).
(٢) المختصر للطحاوي (٥/ ١١٤).
(٣) البيان للعمراني (١١/ ٥٩٠).
(٤) المغني (١٢/ ٣٣).
(٥) ما بين الخاصرتين سقط من المخطوط (ب).
(٦) البحر الزخار (٥/ ٢٥٢ - ٢٥٣).
(٧) البحر الزخار (٥/ ٢٥٣).
(٨) في السنن الكبرى (٨/ ١١٠).
(٩) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٩/ ٢٨٤ - ٢٨٥ رقم ٧٤٨٨) وعبد الرزاق في المصنف رقم (١٧٨٥٨) والبيهقي (٨/ ١٠٩ - ١١٠).
(١٠) معرفة السنن والآثار رقم (١٦٣٠٧).
وانظر: البيان للعمراني (١١/ ٥٩٢).
(١١) حكاه عنه الحافظ في "التلخيص" (٤/ ٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>