للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فسكتت، فقال شاب: خذوها أنا أبوه يا رسول الله، فنظر رسول الله إلى بعض من حوله يسألهم عنه، فقالوا: ما علمنا إلا خيرًا، فقال له النبي : "أحصنت؟ " قال: نعم، فأمر به فرجم".

وعن جابر بن عبد الله عند أبي داود (١): "أن النبي أقرَّ عنده رجلٌ: أنه زنى بامرأة، فأمر به النبي فجلد الحد ثم أخبر أنه محصن فأمر به فرجم"، وقد تقدم (٢).

ومن ذلك حديث الذي أقر بأنه زنى بامرأة وأنكرت، وسيأتي (٣) في باب من أقر أنه زنى بامرأة فجحدت.

ومن ذلك حديثُ الرجل الذي ادَّعتِ المرأةُ أنَّهُ وقعَ عليها فأمرَ برجمه، ثم قام آخَرُ فاعترف أنَّهُ الفاعِلُ، ففي رواية: "أنَّهُ رجمهُ وفي رواية: "أنَّهُ عَفَا عنهُ" وهُوَ في سنن النسائي (٤) والترمذي (٥).

ومن ذلك حديثُ اليهوديين: فإنَّه لم ينقل أن النبي كرر عليهما الإقرار (٦). قالوا: ولو كان تربيع الإقرار شرطًا؛ لما تركه النبي في مثل هذه الواقعات التي يترتب عليها سفك الدماء وهتك الحرم.

وأجاب الأولون عن هذه الأدلة: بأنها مطلقةٌ قيدتها الأحاديث التي فيها أنه وقع الإقرار أربع مرات، وردَّ بأنَّ الإطلاق والتقييد من عوارض الألفاظ، وجميع الأحاديث التي ذكر فيها تربيع الإقرار أفعال، ولا ظاهر لها، وغاية ما فيها: جواز تأخير إقامة الحدِّ بعد وقوع الإقرار مرّةً إلى أن ينتهي إلى أربع، ثم لا يجوز التأخير بعد ذلك، وظاهر السياقات مشعرٌ: بأنَّ النبي إنما فعل ذلك في قصة ماعز لقصد التثبت كما يشعر بذلك قوله له: "أبك جنون؟ " (٧)، ثم سؤاله بعد ذلك لقومه، فتحمل الأحاديث التي فيها التراخي عن إقامة الحدِّ بعد صدور الإقرار مرّةً


(١) في سننه رقم (٤٤٣٨) بسند ضعيف.
(٢) تقدم برقم (٣٠٩٦) من كتابنا هذا.
(٣) الباب الثامن عند الحديث (٣١١٧) من كتابنا هذا.
(٤) في السنن الكبرى رقم (٧٣١١ - العلمية).
(٥) في سننه رقم (١٤٥٤) وقال: حديث حسن غريب صحيح.
وهو حديث حسن دون قوله: وارجموه، والأرجح أنه لم يرجم.
(٦) تقدم برقم (٣٠٩٨) من كتابنا هذا.
(٧) تقدم برقم (٣١٠١) من كتابنا هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>