للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال: "لما أمر رسول الله برجم ماعز بن مالك خرجنا إلى [البقيع] (١)، فوالله ما أوثقناه، ولا حفرنا له، ولكنَّه قام لنا، قال أبو كامل: فرميناه بالعظام، والمدر، والخزف، فاشتدَّ، واشتددنا خلفه حتى أتى عرض الحرَّة فانتصب لنا فرميناه بجلاميد الحرَّة حتى سكت".

فظاهر هذه الرواية أنه إنما فرّ لأجل ما في ذلك المحلِّ الذي فر إليه من الأحْجَارِ التي تقتل بلا تعذيب، بخلاف المحلِّ الذي كان فيه، فإنه لم يكن فيه من الأحجار ما هو كذلك.

ويمكن الجمع بين هذه الروايات بأن يقال: إنه فرَّ أوَّلًا من المكان الأوّل لأجل عدم الحجارة فيه إلى الحرَّة، فلمَّا وصل إليها، ونصب نفسه، ووجد مسَّ الحجارة التي تقضي إلى الموت، قال ذلك المقال، وأمرهم أن يردُّوه إلى رسول الله ، فلما لم يفعلوا هرب، فلقيه الرجل الذي معه لحي الجمل، فضربه به فوقع، ثم رجموه حتى مات.

قوله: (هلَّا تركتموه) استُدِلَّ به على أنه يقبل من المقرِّ الرجوع عن الإقرار ويسقط عنه الحدُّ، وإلى ذلك ذهب أحمد (٢) والشافعية (٣) والحنفية (٤) والعترة (٥). وهو مروي عن مالك في قول له.

وذهب ابن أبي ليلى (٦)، والبتي (٧)، وأبو ثور (٨) ورواية عن مالك (٩)، وقول


(١) في المخطوط (ب): (بالنقيع) والمثبت من (أ) وسنن أبي داود.
(٢) في المغني (١٢/ ٣٦١، ٣٧٩).
(٣) روضة الطالبين (١٠/ ٩٥) والبيان (١٢/ ٣٧٤ - ٣٧٥).
(٤) البناية في شرح الهداية (٦/ ٢٠٣).
(٥) البحر الزخار (٥/ ١٥٨).
(٦) حكاه عنه ابن قدامة في المغني (١٢/ ٣٦١).
(٧) حكاه عنه ابن عبد البر في "التمهيد" (١٤/ ٧٤ - الفاروق).
(٨) فقه أبي ثور (ص ٧١٧).
(٩) عيون المجالس (٥/ ٢٠٩٢ - ٢٠٩٣ رقم المسألة ١٥١٢).
والتمهيد (١٤/ ٧٣ - ٧٤ - الفاروق). والمنتقى للباجي (٧/ ١٤٣) قال ابن المنذر في الإشراف (٢/ ١٧ - ١٨): "قال أبو بكر: واختلفوا في الرجل يقر بالزنا، ثم يرجع عنه: فكان عطاء، ويحيى بن يَعْمَر، والزهري، وحماد بن أبي سليمان، والثوري والشافعي، وأحمد، وإسحاق، والنعمان، ويعقوب، يقولون: يترك، ولا يحد. =

<<  <  ج: ص:  >  >>