للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (إذا قامت البينة) أي شهادة أربعة شهود ذكور بالإجماع.

قوله: (أو كان الحبل) بفتح المهملة والموحدة، وفي رواية "الحمل".

وقد استدلَّ بذلك من قال: إن المرأة تحدُّ إذا وجدت حاملًا، ولا زوج لها ولا سيِّد، ولم تذكر شبهة، وهو مرويٌّ عن عمر (١) ومالك وأصحابه (٢). قالوا: إذا حملت ولم يعلم لها زوج ولا عرفنا إكراهها لزمها الحد إلا أن تكون غريبة وتدَّعي أنه من زوج أو سيد.

وذهب الجمهور (٣): إلى أن مجرَّد الحبل لا يثبت به الحدُّ، بل لا بدَّ من الاعتراف، أو البينة، واستدلوا بالأحاديث الواردة في درء الحدود بالشبهات.

والحاصل: أن هذا من قول عمر، ومثل ذلك لا يثبت به مثل هذا الأمر العظيم الذي يفضي إلى هلاك النفوس، وكونه قاله في مجمع من الصحابة ولم ينكر عليه، لا يستلزم أن يكون إجماعًا كما بينا ذلك في غير موضع من هذا الشرح؛ لأن الإنكار في مسائل الاجتهاد غير لازم للمخالف، ولا سيما والقائل بذلك عمر وهو بمنزلة من المهابة في صدور الصحابة وغيرهم، اللهمَّ إلا أن يدَّعى أن قوله: إذا قامت البينة وكان الحبل أو الاعتراف من تمام ما يرويه عن كتاب الله تعالى ولكنه خلاف الظاهر، لأن الذي كان في كتاب الله هو ما أسلفنا في أول كتاب الحدود.

وقد أجاب الطحاوي (٤) بتأويل ذلك على أن المراد أن الحبل إذا كان من زنا وجب فيه الرجم، ولا بد من ثبوت كونه من زنا.


= والنسائي في الكبرى (رقم ٨١١٩ - العلمية).
والحميدي رقم (٢٥٣) وابن راهويه رقم (١٠٥٨) و (١٠٥٩) والطحاوي في مشكل الآثار رقم (١٦٤٨) و (١٦٤٩) وابن حبان رقم (٦٨٩٤) والحاكم في المستدرك (٣/ ٨٦) كلهم من حديث عائشة.
قال الترمذي: هذا حديث صحيح.
وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد على شرط مسلم ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
والخلاصة: أن حديث عائشة حديث صحيح، والله أعلم.
(١) أخرج أثره عبد الرزاق في "المصنف" رقم (١٣٣٢٩).
(٢) مدونة الفقه المالكي وأدلته (٤/ ٦٣٣) وعيون المجالس (٥/ ٢١١٢).
(٣) الفتح (١٢/ ١٤٨ - ١٤٩).
(٤) بدائع الصنائع (٣/ ٢٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>