للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويجاب عن ذلك برواية النسائي (١) المذكور في الباب بلفظ: "لا تقطع يد السارق فيما دون ثمن المجن".

ويمكن أيضًا الجواب عنه بقوله : "اقطعوا في ربع دينار ولا تقطعوا فيما دون ذلك" كما في الباب (٢)؛ لأنه يصدق على ما لم تبلغ قيمته ربع دينار: أنه دونه، وإن كان من غير الذهب فإنه يفضل الجنس على جنس آخر مغايرٍ له باعتبار الزيادة في الثمن، وكذلك العرض على العرض باعتبار اختلاف ثمنهما.

(المذهب العاشر): أنه يثبت القطع في القليل والكثير، حكاه في البحر (٣) عن الحسن البصري (٤) وداود (٥) والخوارج (٦).

واستدلوا بإطلاق قوله تعالى: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا﴾ (٧).

ويجاب: بأنَّ إطلاق الآية مقيد بالأحاديث المذكورة في الباب.

واستدلوا ثانيًا بحديث أبي هريرة المذكور في الباب (٨)؛ فإنَّ فيه: "يسرق البيضة فتقطع يده، وشرق الحبل فتقطع يده".

وقد أجيب عن ذلك: أن المراد به تحقير شأن السارق وخسار ما ربحه، وأنَّه إذا جعل السرقة عادةً له جرأه ذلك على سرقة ما فوق البيضة والحبل حتى يبلغ إلى المقدار الذي تقطع به الأيدي، هكذا قال الخطابي، وابن قتيبة، وفيه تعسف.

ويمكن أن يقال: المراد المبالغة في التنفير عن السرقة وجَعْل ما لا قطع فيه بمنزلة ما فيه القطع، كما في حديث: "من بنى لله مسجدًا ولو كمفحص


(١) في سننه رقم (٤٩١٥).
وهو حديث منكر وقد تقدم.
(٢) أخرجه أحمد في المسند (٦/ ٨٠ - ٨١) بسند صحيح.
(٣) البحر الزخار (٥/ ١٧٦).
(٤) تقدمت الروايات عنه قريبًا. وانظر: موسوعة فقه الحسن البصري (٢/ ٥٢٧).
(٥) المحلى (١١/ ٣٥٠).
(٦) قال ابن عبد البر في "الاستذكار" (٢٤/ ١٦٦ رقم ٣٥٨٩٥): وقالت الخوارج، وطائفة من أهل الكلام: كل سارق، بالغ، سرق ماله قيمة، قفت: أو كثرت، فعليه القطع.
(٧) سورة المائدة، الآية (٣٨).
(٨) تقدم برقم (٣١٤٢) من كتابنا هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>