للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وحكى الحافظ (١) عن بعض المتأخرين أنه يتعين السوط للمتمرِّدين، وأطراف الثياب، والنعال، للضعفاء ومن عداهم، بحسب ما يليق بهم، وهذه الرواية مُصرِّحةٌ بأن الأربعين كانت بجريدتين.

وفي رواية للنسائي (٢): "أنَّ النبيّ ضربه بالنعال نحوًا من أربعين".

وفي رواية لأحمد (٣) والبيهقي (٤): "فأمر نحوًا من عشرين رجلًا، فجلده كل واحد جلدتين بالجريد والنعال".

فيجمع بأن جملة الضربات كانت نحو أربعين إلا أن كل جلدةٍ بجريدتين، وهذا الجمع باعتبار مجرَّد الضرب بالجريد، وهو مبينٌ لما أجمل في الرواية المذكورة في حديث أنس (٥) بلفظ: "إن النبيّ جلد في الخمر بالجريد والنعال".

وكذلك ما في سائر الروايات المجملة.

ولكن الجمع بين الضرب بالجريد والنعال في روايات الباب يدلّ على أن الضرب بهما غير مقدر بحدّ، لأنها إذا كانت الضربات بالجريد مقدرة بذلك المقدار فلم يأت ما يدلُّ على تقدير الضربات النعال إلا برواية النسائي (٢) المتقدمة فإنها مصرّحة أن الضرب كان بالنعال فقط نحوًا من أربعين.

وورد أيضًا الضرب بالأردية كما في رواية السائب بن يزيد (٦) المذكورة.

وفي حديث عليّ (٧) المذكور في جلد الوليد تصريح بأن النبيّ جلد أربعين، وهو يخالف ما سيأتي (٨) من حديثه: "أن النبيّ لم يسن في ذلك سنة".

ويمكن الجمع: بأنَّ المراد بالسنّة المذكورة في الحديث الآتي هي الطريقة المستمرة، وفعل الأربعين في مرّةٍ واحدةٍ، لا يستلزم أن يكون ذلك سنةً مع عدم الاستمرار، كما في سائر الروايات.


(١) في "الفتح" (١٢/ ٦٦).
(٢) في سننه الكبرى رقم (٥٢٧٦ - العلمية).
(٣) في المسند (٣/ ١٧٦) بسند صحيح.
(٤) في السنن الكبرى (٨/ ٣١٧، ٣١٩).
(٥) تقدم برقم (٣١٦٢) من كتابنا هذا.
(٦) تقدم برقم (٣١٦٤) من كتابنا هذا.
(٧) تقدم برقم (٣١٦٦) من كتابنا هذا.
(٨) يأتي برقم (٣١٦٧) من كتابنا هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>