للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قتله عند الهادوية (١) وأبي حنيفة (٢) والمروزي من الشافعية (٣).

وقال الشافعي (٤): لا يجوز؛ إذ القصد دفعهم في تلك الحال، وقد وقع، وهو الظاهر من إطلاق النهي في الحديث، ولكنه يدلُّ على جواز القتل؛ إذا كان للباغي المذكور فئةٌ، قوله تعالى: ﴿فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ﴾ (٥)، والهاربُ والجريحُ لم يحصل منهما ذلك.

وأجيب بأن المراد بالفيئة إلى أمر الله ترك الصولة والاستطالة، وقد حصل ذلك من الهارب والجريح الذي لا يقدر على القتال.

وأما ما روى زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي أنه قال: لا تتبعوا موليًا ليس بمنحاز إلى فئة، فقد أجيب عن الاستدلال بمفهومه على جواز قتل من له فئة واتباعه بأن إمامة عليٌّ قطعيةٌ، وإمامة غيره ظنيةٌ فلا يكون الحكم متَّحدًا، بل المتوجه الوقوف على ظاهر النهي المرفوع إلى النبي ، وهو وإن كان فيه المقال السابق ولكنه يؤيده أنَّ الأصل في دم المسلم تحريمُ سفكه، والآية المذكورة فيها الإذن بالمقاتلة إلى حصول تلك الغاية، وربما كان ذلك الهرب من [مقدماتها] (٦) إن لم يكن منها.

قوله: (ومن أغلق بابه فهو آمن، ومن ألقى السلاح فهو آمن) استدل به على عدم جواز مقاتلة البغاة إذا كانوا في بيوتهم أو طلبوا منّا الأمان؛ لأنهم إذا أغلقوا على أنفسهم فليسوا ببغاة في ذلك الوقت، واتصافهم بذلك الوصف شرط جواز مقاتلتهم؛ كما في الآية، وإذا طلبوا الأمان فقد فاؤوا إلى أمر الله تعالى، وهي الغاية التي أذن الله بالقتال إلى حصولها وقد حصلت.

قوله: (فأجمعوا على أن لا يقاد أحد) ظاهره وقوع الإجماع منهم على عدم جواز الاقتصاص ممن وقع منه القتل لغيره في الفتنة، سواءٌ كان باغيًا أو مبغيًا عليه. وقد ذهبت الشافعية (٧) والحنفية (٨) والإمام يحيى (٩) إلى أنهم لا يضمنون ما


(١) البحر الزخار (٥/ ٤١٧ - ٤١٨).
(٢) بدائع الصنائع (٧/ ١٤٠ - ١٤١).
(٣) كما في "المهذب" (٥/ ١٩٤).
(٤) في الأم (٥/ ٥٣٥).
(٥) سورة الحجرات، الآية (٩).
(٦) في المخطوط (ب): (مقدماته).
(٧) البيان للعمراني (١٢/ ٢٨ - ٢٩).
(٨) بدائع الصنائع (٧/ ١٤١).
(٩) البحر الزخار (٥/ ٤٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>