للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (إلا أن تروا كفرًا بواحًا) قد تقدم [ضبطه وتفسيره] (١).

قوله: (عندكم فيه من الله برهان) أي: نصُّ آية، أو خبر صريح لا يحتمل التأويل، ومقتضاه أنه لا يجوز الخروج عليهم ما دام فعلهم يحتمل التأويل.

قال النووي (٢): المراد بالكفر هنا المعصية، ومعنى الحديث: لا تنازعوا ولاة الأمور في ولايتهم، ولا تعترضوا عليهم إلا أن تروا منهم منكرًا محققًا تعلمونه من قواعد الإسلام، فإذا رأيتم ذلك فأنكروا عليهم وقولوا بالحق حيثما كنتم. اهـ.

قال في الفتح (٣): وقال غيره: إذا كانت المنازعة في الولاية فلا ينازعه بما يقدح في الولاية إلا إذا ارتكب الكفر، وحمل رواية المعصية على ما إذا كانت المنازعة فيما عدا الولاية، فإذا لم يقدح في الولاية نازعه في المعصية بأن ينكر عليه برفق ويتوصل إلى تثبيت الحق له بغير عنف، ومحل ذلك إذا كان قادرًا.

ونقل ابن التين (٤) عن الداودي قال: الذي عليه العلماء في أمراء الجور أنه إن قدر على خلعه بغير فتنة ولا ظلم وجب، وإلا فالواجب الصبر.

وعن بعضهم لا يجوز عقد الولاية لفاسق ابتداء، فإن أحدث جورًا بعد أن كان عدلًا فاختلفوا في جواز الخروج عليه، والصحيح المنع إلا أن يكفر فيجب الخروج عليه.

قال ابن بطال (٥): إن حديث ابن عباس المذكور في أول الباب (٦) حجة في ترك الخروج على السلطان ولو جار.

قال في الفتح (٧): وقد أجمع الفقهاء على وجوب طاعة السلطان المتغلب والجهاد معه، وإن طاعته خير من الخروج عليه لما في ذلك من حقن الدماء وتسكين الدهماء، ولم يستثنوا من ذلك إلا إذا وقع من السلطان الكفر الصريح فلا تجوز طاعته في ذلك بل تجب مجاهدته لمن قدر عليها كما في الحديث. اهـ.


(١) في المخطوط (ب): (تفسيره وضبطه).
(٢) في شرحه لصحيح مسلم (٢/ ٢٢٩).
(٣) في "الفتح" (٨/ ١٣).
(٤) كما في "الفتح" (٨/ ١٣).
(٥) في شرحه لصحيح البخاري (٨/ ١٠).
(٦) تقدم برقم (٣١٩٣) من كتابنا هذا.
(٧) في الفتح (١٣/ ٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>