للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (فلم يقتل من صنعه .. إلخ) استدل به من قال: إنه لا يقتل الساحر.

ويجاب عنه بما سيأتي قريبًا، وأيضًا ليس في ذلك دليل؛ لأن غايته جواز الترك لا عدم جواز الفعل، فيمكن الجمع على فرض عدم علم التاريخ بأنَّ القتل للساحر جائزٌ لا واجب.

٤٤/ ٣٢٠٤ - (وعَنْ عائِشةَ قالَتْ: سُحِرَ رَسُولُ الله حتى إنَّهُ ليُخَيَّلُ إليهِ أَنَّهُ فعَلَ الشَيْءَ ومَا فَعَلَهُ، حتَّى إذَا كانَ ذَاتَ يَوْمٍ وهْوَ عِنْدِي دَعا الله وَدَعا ثمَّ قالَ: "أَشَعَرْتِ يا عائشةُ أَنَّ الله قَدْ أفْتَانِي فِيما اسْتَفْتَيْتُهُ"، قُلْتُ: ومَا ذَاكَ يا رَسُولَ الله؟ قالَ: "جاءَني رجُلَانِ فَجَلَسَ أحَدهُما عِنْدَ رأسِي والآخَرُ عِنْدَ رِجْلِي، ثمَّ قالَ أحَدهُما لِصاحِبه: ما وَجَعُ الرَّجُلِ؟ قالَ: مَطْبُوبٌ، قالَ: ومَنْ طَبَّهُ؟ قالَ: لَبِيْدُ بْنُ الأعْصَمِ اليَهُودِيُّ مِنْ بَنِي زُريقٍ، قالَ: فِيمَاذَا؟ قالَ: في مُشْطٍ ومُشَاطَةٍ، وَجُفِّ طَلْعَةِ ذكَرٍ، قالَ: فأيْنَ هُوَ؟ قالَ: فِي بِئرِ ذَرْوَانَ". فَذَهَبَ النَّبِيُّ فِي أنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ إلى الْبِئْرِ فَنَظَرَ إلَيْهَا وَعَلَيْهَا نَخلٌ ثمَّ رجَعَ إلى عائشةَ، فقالَ: "والله لَكَأنَّ مَاءَها نُقَاعَةُ الحِنَّاء، وَلَكَأنْ نخْلها رؤوسُ الشَّيَاطِينِ"، قُلْتُ: يا رسُولَ الله، أفأخْرَجْتَهُ؟ قالَ: "لَا، أَمَّا أَنَا فَقَدْ عَافاني الله وشَفَانِي، وَخِشيتُ أنْ أثَوِّرَ على النَّاسِ مِنْهُ شَرًّا"، فأمَرَ بِها فَدُفِنَتْ. مُتَّفقٌ عَلَيْهِ (١). [صحيح]

وفي روايَةٍ لِمُسْلِمٍ (٢): قَالَتْ: فَقُلْتُ: يا رَسُولَ الله أفلَا أَخْرَجْتَهُ؟ قَالَ: "لا". [صحيح]

قوله: (حتى إنه ليخيل إليه .. إلخ)، قال الإمام المازري (٣): مذهب أهل السنّة وجمهور علماء الأمة: إثبات السِّحر، وأنَّ له حقيقة كحقيقة غيره من الأشياء، خلافًا لمن أنكر ذلك، وأنكر حقيقته، وأضاف ما يقع منه إلى خيالاتٍ باطلةٍ لا حقائق لها، وقد ذكره الله تعالى في كتابه، وذكر أنه مما يتعلم، وذكر ما فيه إشارةٌ إلى أنه مما يكفر به، وأنه يفرَّق بين المرء وزوجه، وهذا كله


(١) أحمد في المسند (٦/ ٥٧) والبخاري رقم (٣٢٦٨) ومسلم رقم (٤٣/ ٢١٨٩).
(٢) في صحيحه رقم (٤٤/ ٢١٨٩).
(٣) في "المعلم بفوائد مسلم" (٣/ ٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>