قلت: واستدلوا الثلاثة على كفر من يتعلم السحر ويستعمله بقوله تعالى: ﴿وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا﴾ إلى قوله تعالى: ﴿وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ﴾ [البقرة: ١٠٢]. أي: وما كفر سليمان، وما كان ساحرًا كفر بسحره. وقولهما: فلا تكفر، أي: لا تتعلمه فتكفر بذلك. ثم قال ابن هبيرة: "إلا أن من أصحاب أبي حنيفة من فصَّل فقال: إن تعلمه ليتفيه أو ليتجنبه فلا يكفر بذلك، وإن تعلمه معتقدًا لجوازه أو معتقدًا أنه ينفعه فإنه يكفر، ولم ير الإطلاق، وإن اعتقد أن الشياطين تفعل له ما يشاء فهو كافر. وقال الشافعي: إذا تعلم السحر قلنا له: صف سحرك، فإن وصف ما يوجب الكفر بمثل ما اعتقده أهل بابل من التقرب إلى الكواكب السبعة، وأنها تفعل ما يلتمس منها فهو كافر، وإن كان لا يوجب الكفر، فإن اعتقد إباحته فهو كافر. وهل يقتل بمجرد تعلمه أو استعماله؟. قال مالك وأحمد: "يقتل بمجرد ذلك، وإن لم يقتل به". اهـ. قلت: استدلا بحديث جندب بن جنادة المتقدم برقم (٣٢٠٠) وحديث بجالة بن عبده، من كتابنا هذا. ثم قال ابن هبيرة: "وقال أبو حنيفة والشافعي: لا يقتل بذلك فإن قتل الساحر قُتِل عندهم. إلا أبا حنيفة فإنه قال: لا يقتل حتى يتكرر ذلك منه. وروى عنه أنه قال: لا يقتل حتى يقر أني قتلت إنسانًا بعينه". اهـ. قلت: ووجه كلام أبي حنيفة والشافعي الحديث المرفوع بلفظ: "لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: كفر بعد إيمان، أو زنًا بعد إحصان، أو قتل نفس بغير حق" تقدم برقم (٢٩٩٦) من كتابنا هذا. =