للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

نفيه للعدوى باق على عمومه، وقد صح قوله: "لا يعدي شيء شيئًا".

وقوله لمن عارضه بأنَّ البعير الأجرب يكون بين الإبل الصحيحة، فيخالطها فتجرب، حيث رد عليه بقوله: "فمن أعدى الأول؟ " (١)، يعني أن الله سبحانه ابتدأ ذلك في الثاني كما ابتدأه في الأول.

قال: وأما الأمر بالفرار من المجذوم فمن باب سدِّ الذرائع لئلا يتفق للشخص الذي يخالطه شيءٌ من ذلك بتقدير الله تعالى ابتداء لا بالعدوى المنفية فيظنُّ أن ذلك بسبب مخالطته فيعتقد صحة العدوى فيقع في الحرج، فأمر بتجنبه حسمًا للمادة. انتهى.

والمناسبُ للعمل الأصولي في هذه الأحاديث المذكورة في الباب هو أن يبنى "عموم لا عدوى ولا طيرة" (٢) على الخاص وهو ما قدمنا من حديث: "الشؤم في ثلاث" (٢)، وحديث: "فرّ من المجذوم" (٢)، وحديث: "لا يورد ممرض على مصح" (٢)، وما في [معناها] (٣).

وقد بسطنا الكلام على هذه المسألة في جواب سؤال سمَّيناه: "إتحاف المهرة بالكلام على حديث: لا عدوى ولا طيرة" (٤).

قوله: (ومنّا رجال يخطون). قال ابن عباس في تفسير هذا الخط: هو الخطُّ الذي يخطه الحازي. والحازي (٥) بالحاء المهملة، والزاي: هو الحزَّاء، وهو الذي ينظر المغيبات بظنه، فيأتي صاحبُ الحاجة إلى الحازي، فيعطيه حلوانًا، فيقول له: اقعد حتى أخطَّ لك، وبين يدي الحازي غلامٌ له معه مِيْل ثم يأتي إلى أرض رخوة فيخطُّ فيها خطوطًا كثيرة في أربعة أسطرٍ عجلًا، ثم يمحو منها على مهل خطين خطين، فإن بقي خطان؛ فهو علامة النجح، وإن بقي خطٌّ واحدٌ؛ فهو علامة الخيبة، هكذا في شرح السنن لابن رسلان.


(١) تقدم آنفًا وقد أخرجه البخاري رقم (٥٧٧٤) و (٥٧٧٥) ومسلم رقم (١٠١/ ٢٢٢٠) وأبو داود رقم (٣٩١٣).
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) في المخطوط (ب): معناه.
(٤) تم تحقيقها وتخريجها في "الفتح الرباني من فتاوى الشوكاني" رقم (٥٣) في (٤/ ١٩٣١ - ١٩٦٣) بتحقيقي. ولله الحمد والمنة.
(٥) النهاية في غريب الحديث (١/ ٣٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>