للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال (١): وكذلك اختلفوا في أنهم إذا كثروا هل يؤمرون أن يتخذوا لأنفسهم موضعًا منفردًا خارجًا عن الناس، ولا يمنعون من التصرّف في منافعهم، وعليه أكثر الناس، أم لا يلزمهم التنحِّي.

قال (٢): ولم يختلفوا في القليل منهم، يعني: في أنهم لا يمنعون، قال: ولا يمنعون من صلاة الجمعة مع الناس، ويمنعون من غيرها.

قال (٢): ولو استضرَّ أهل قريةٍ فيهم جذمى بمخالطتهم في الماء؛ فإن قدروا على استنباط ماءٍ بلا ضرر أمروا به، وإلا استنبطه لهم الآخرون، أو أقاموا من يستقى لهم وإلا فلا يمنعون.

قال النووي (٣) في شرح مُسلم في حديث: "لا يورد ممرض على مصح" (٤). قال العلماء: الممرض: صاحب الإبل المراض، والمصحُّ: صاحب الإبل الصحاح؛ فمعنى الحديث: لا يورد صاحب الإبل المراض إبله على إبل صاحب الإبل الصحاح، لأنه ربما أصابها المرض بفعل الله تعالى وقدره الذي أجرى به العادة لا بطبعها فيحصل لصاحبها ضرر بمرضها، وربما حصل له ضرر أعظم من ذلك باعتقاد العدوى بطبعها، فيكفر والله أعلم. انتهى.

وأشار إلى نحو هذا الكلام ابن بطال (٥)، وقيل: النهي ليس للعدوى، بل للتأذِّي بالرائحة الكريهة ونحوها، حكاه ابن رسلان في شرح السنن.

وقال ابن الصلاح (٦): وجه الجمع أنَّ هذه الأمراض لا تعدي بطبعها، لكنَّ الله سبحانه جعل مخالطة المريض للصحيح سببًا لإعدائه مرضه، ثم قد يتخلف ذلك عن سببه كما في غيره من الأسباب.

قال الحافظ ابن حجر في شرح النخبة (٧): والأولى في الجمع أن يقال: إن


(١) أي القاضي عياض في المرجع السابق.
(٢) أي القاضي عياض في "إكمال المعلم بفوائد فسلم" (٧/ ١٦٤).
(٣) في شرحه لصحيح مسلم (١٤/ ٢١٧).
(٤) تقدم تخريجه (ص ٤٩٨).
(٥) في شرحه لصحيح البخاري (٩/ ٤٥٠).
(٦) (مقدمة ابن الصلاح - مع التقييد والإيضاح) (ص ٢٨٥).
(٧) في "نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر" (ص ٧٣ - ٧٤) ط: دار الخير.

<<  <  ج: ص:  >  >>