للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومعرفته بلسان العرب يرد ما ذكره أبو حاتم، فالواجب البقاء على البراءة الأصلية المعتضدة بهذه الكلية المستفادة من هذا الحديث، فلا يصار إلى القول بأن الدم أو القيء ناقض إلا لدليل ناهض، والجزم بالوجوب قبل صحة المستند كالجزم بالتحريم قبل صحة الناقل والكل من التقول على الله بما لم يقل.

ومن المؤيدات لما ذكرنا حديث "أن عَبَّاد بن بِشْر أصيب بسهام وهو يصلي فاستمر في صلاته" عند البخاري تعليقًا (١)، وأبي داود (٢) وابن خزيمة (٣) ويبعد أن لا يطلع النبي على مثل هذه الواقعة العظيمة ولم ينقل أنه أخبره بأن صلاته قد بطلت (٤).


(١) (١/ ٢٨٠) تعليقًا. "ويُذكر عن جابر أن النبي كان في غزوةِ ذات الرِّقاع فَرُمي رجلٌ بسهمٍ فنزفهُ الدَّمُ فركعَ وسجدَ ومضى في صلاته".
قال الحافظ في "الفتح" (١/ ٢٨١): "وصله ابن إسحاق في "المغازي" حدثني صدقة … ".
قلت: وهو في "سيرة ابن هشام (٣/ ٢٩٠ - ٢٩١).
ثم قال ابن حجر: "وعقيل لا أعرف راويًا عن غير صدقة، ولهذا لم يجزم به المصنف، إما لكونه اختصره، أو للخلاف في ابن إسحاق" وقال: "صححه ابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم.
(٢) في سننه رقم (١٩٨).
(٣) في صحيحه (١/ ٢٤ رقم ٣٦).
قلت: وأخرجه الحاكم في المستدرك (١/ ١٥٦ - ١٥٧) والبيهقي في السنن الكبرى (١/ ١٤٠) و (٩/ ١٥٠) والصغرى (١/ ٣١ رقم ٤٠) والدارقطني في السنن (١/ ٢٢٣ - ٢٢٤ رقم ١) وأحمد في المسند (٣/ ٣٤٣ - ٣٤٤، ٣٥٩) وابن حبان في صحيحه (٣/ ٣٧٥ - ٣٧٦ رقم ١٠٩٦).
في إسناده عقيل بن جابر لم يوثقه غير ابن حبان في "الثقات" (٥/ ٢٧٢) ولم يرو عنه غير صدقة بن يسار. قلت: وصدقة وثقه ابن معين وأحمد وأبو داود وابن سعد وغيرهم وروى له مسلم في "الصحيح" "تهذيب التهذيب" (٢/ ٢٠٩)] وكذلك باقي رجال الحديث ثقات. وفي طريق أبي داود وغيره تصريح ابن إسحاق بالسماع له من صدقة وقد حسن الألباني الحديث في صحيح أبي داود.
(٤) قلت: الراجح في هذه المسألة أن (القيءَ، والرّعافَ، والدمَ) من غير مخرج الحدث ليس بناقضٍ للوضوء، إذ الأحاديث التي توجب لم تصح، والأصل البراءة، والآثار الصحيحة عن الصحابة تدلُّ على ذلك، وهذا مذهب الفقهاءِ السبعةِ من أهل المدينة، وهو اختيار المحققين من العلماء. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>