للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المشقة، يقال: جهدت جهادًا، أي: بلغت المشقة، وشرعًا: بذل الجهد في قتال الكفار؛ ويطلق أيضًا على مجاهدة النفس، والشيطان والفساق.

فأمَّا مجاهدة النفس: فعلى تعلُّم أمور الدين، ثم على العمل بها، ثم على تعليمها.

وأما مجاهدة الشيطان: فعلى دفع ما يأتي به من الشبهات، وما يزينه من الشهوات.

وأما مجاهدة الكفار: فتقع باليد، والمال، واللسان، والقلب.

وأمَّا الفساق: فاليد، ثم اللسان، ثم القلب.

ثم قال (١): واختلف في جهاد الكفار؛ هل كان أولًا فرض عينٍ، أو كفاية؟ ثم قال في باب وجوب النفير: فيه قولان مشهوران للعلماء، وهما في مذهب الشافعي.

وقال الماوردي (٢): كان عينًا على المهاجرين دون غيرهم.

ويؤيده وجوب الهجرة قبل الفتح في حقِّ كُلِّ من أسلم إلى المدينة لنصر الإسلام.

وقال السهيلي (٣): كان عينًا على الأنصار دون غيرهم.

ويؤيده مبايعتهم النبي ليلة العقبة: على أن يؤووا رسول الله وينصروه. فيخرج من قولهما: أنه كان عينًا على الطائفتين، كفايةً في حقِّ غيرهم، ومع ذلك فليس في حقِّ الطائفتين على التعميم، بل في حقِّ الأنصار إذا طرق المدينة طارقٌ، وفي حقِّ المهاجرين إذا أريد قتال أحدٍ من الكفار ابتداءً.

وقيل: كان عينًا في الغزوة التي يخرج فيها النبي دون غيرها.

والتحقيق: أنَّه كان عينًا على من عيَّنه النبي في حقه وإن لم يخرج. وأما بعده فهو فرض كفاية على المشهور، إلا أن تدعو الحاجة، كأن يدهم


(١) أي: الحافظ ابن حجر في "الفتح" (٦/ ٣٢).
(٢) الحاوي الكبير (١٤/ ١٠٢ - ١٠٣).
(٣) ذكره الحافظ في "الفتح" (٦/ ٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>