للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وصرح الطبري (١) بأنه لا يخل إذا حصل ضمنًا لا أصلًا ومقصودًا، وبه قال الجمهور كما حكاه صاحب الفتح (٢)، ولكنه يعكر على هذا ما في حديث أبي أمامة المذكور (٣) من أن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصًا، ويمكن أن يحمل على قصد الأمرين معًا على حد واحد فلا يخالف ما قاله الجمهور.

فالحاصل أنه إما أن يقصد الشيئين معًا، أو يقصد أحدهما فقط، أو يقصد أحدهما ويحصل الآخر ضمنًا، والمحذور: أن يقصد غير الإعلاء؛ سواء حصل الإعلاء ضمنًا أو لم يحصل، ودونه أن يقصدهما معًا فإنه محذورٌ على ما دلَّ عليه حديث أبي أمامة (٣) والمطلوب أن يقصد الإعلاء فقط سواء حصل غير الإعلاء ضمنًا أو لم يحصل.

قال ابن أبي جمرة (٤) ذهب المحققون إلى أنه إذا كان الباعث الأول قصد إعلاء كلمة الله لم يضره ما ينضاف إليه وعلى هذا يحمل حديث أبي هريرة الذي ذكرناه.

وأما حديث عبد الله بن عمرو المذكور (٥) فليس فيه ما يدلّ على جواز قصد غير الغزو في سبيل الله؛ لأن الغنيمة إنما حصلت بعد أن كان الغزو في سبيل الله ولم يكن مقصوده في الابتداء، ولهذا قال في أول الحديث: "ما من غازية تغزو في سبيل الله … " إلخ.

قال في الفتح (٦): والحاصل مما ذكر: أن القتال منشؤه القوَّة العقلية، والقوّة الغضبية، والقوة الشهوانية؛ ولا يكون في سبيل الله إلا الأول.

وقال ابن بطال (٧): إنما عدل النبيّ عن لفظ جواب السائل لأن الغضب والحمية قد يكونان لله، فعدل النبيّ عن ذلك إلى لفظ جامع، فأفاد رفع


(١) حكاه عنه الحافظ في "الفتح" (٦/ ٢٨).
(٢) (٥/ ٢٨).
(٣) تقدم برقم (٣٢٥٢) وهو حديث صحيح لغيره. من كتابنا هذا.
(٤) حكاه عنه الحافظ في "الفتح" (٦/ ٢٩).
(٥) تقدم برقم (٣٢٥١) وهو حديث صحيح. من كتابنا هذا.
(٦) في "الفتح" (٦/ ٢٩).
(٧) في شرحه لصحيح البخاري (١/ ٢٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>