للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بحديث: "إذا نام العبد في سجوده" (١) ولعل سائر هيئات المصلي مقاسة على السجود.

المذهب الثامن: أنه إذا نام جالسًا ممكنًا مقعدته من الأرض لم ينقض، سواء قل أو كثر، وسواء كان في الصلاة أو خارجها، قال النووي (٢): وهذا مذهب الشافعي. وعنده أن النوم ليس حدثًا في نفسه وإنما هو دليل على خروج الريح، ودليل هذا القول حديث علي (٣) وابن عباس (٤) ومعاوية (٥) وستأتي.

وهذا أقرب المذاهب عندي وبه يجمع بين الأدلة.

وقوله: إن النوم ليس حدثًا في نفسه هو الظاهر. وحديث الباب وإن أشعر بأنه من الأحداث باعتبار اقترانه بما هو حدث بالإِجماع فلا يخفى ضعف دلالة الاقتران وسقوطها عن الاعتبار عند أئمة الأصول، والتصريح بأن النوم مظنة استطلاق الوكاء، كما في حديث معاوية (٥)، واسترخاء المفاصل كما في حديث ابن عباس (٦) مشعر أتم إشعار بنفي كونه حدثًا في نفسه. وحديث "إن الصحابة [كانوا] (٧) على عهد رسول الله ينامون ثم يصلون ولا يتوضئون" (٨) من المؤيدات لذلك، ويبعد جهل الجميع منهم كونه ناقضًا والحاصل أن الأحاديث المطلقة في النوم تحمل على المقيدة بالاضطجاع، وقد جاء في بعض الروايات بلفظ الحصر، والمقال الذي فيه منجبر بما له من الطرق والشواهد وسيأتي.

ومن المؤيدات لهذا الجمع حديث ابن عباس (٤) الآتي بلفظ: "فجعلْتُ إذا أغْفَيْتُ يأخُذ بِشَحْمَةِ أذُني" وحديث: "إذا نامَ العبدُ في صلاته باهى اللهُ [تعالى] (٩) به ملائكته" أخرجه الدارقطني (١٠) وابن شاهين (١١) من حديث أبي هريرة،


(١) وهو حديث ضعيف تقدم تخريجه آنفًا.
(٢) في شرحه لصحيح مسلم (٤/ ٧٣).
(٣) رقم (٦/ ٢٤٣) من كتابنا هذا وهو حديث حسن.
(٤) رقم (٨/ ٢٤٥) من كتابنا هذا وهو حديث صحيح.
(٥) رقم (٧/ ٢٤٤) من كتابنا هذا وهو حديث ضعيف.
(٦) سيأتي برقم (١٠/ ٢٤٧) من كتابنا هذا وهو حديث ضعيف.
(٧) زيادة من (أ).
(٨) سيأتي برقم (٩/ ٢٤٦) من كتابنا هذا وهو حديث صحيح بطرقه.
(٩) زيادة من (جـ).
(١٠) في "العلل" (٨/ ٢٤٨ - ٢٤٩ س ١٥٥٢).
(١١) في "الناسخ والمنسوخ" (رقم ١٩٩) بسند ضعيف جدًّا وقد تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>