للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أعلم ما سار راكبٌ بليلٍ وحده". وقد ثبت في الصحيح (١) أن الزبير انتُدِب وحدَهُ ليأتي النبيَّ بخبر بني قريظة.

قال ابن المنير (٢): السير لمصلحة الحرب أخصُّ من السفر، فيجوز السفر للمنفرد للضرورة والمصلحة التي لا تنتظم إلا بالإِفراد، كإرسال الجاسوس، والطليعة، والكراهة لما عدا ذلك.

ويحتمل أن تكون حالة الجواز مقيدةً بالحاجة عند الأمن، وحالة المنع مقيدةٌ بالخوف، حيث لا ضرورة.

وقد وقع في كتب المغازي (٢) بعث جماعة منفردين (منهم): حذيفة، ونعيم بن مسعود، وعبد الله بن أنيس، وخوّات بن جبير، وعمرو بن أمية، وسالم بن عمير، وبسبسة، وغيرهم.

وعلى هذا فوجود أصل الخير في سائر الأسفار غير سفر الحرب ونحوه إنما هو في الثلاثة دون الواحدة والاثنين، والأربعة خير من الثلاثة كما يدل على ذلك حديث الباب.

قوله: (وخير الجيوش أربعة آلاف) ظاهر هذا: أن هذا الجيش خيرٌ من غيره من الجيوش، سواءٌ كان أقلَّ منه أو أكثر، ولكن الأكثر إذا بلغ إلى اثني عشر ألفًا لم يُغْلَبْ من قلَّةِ، وليس بخيرٍ من أربعة آلاف، وإن كانت تُغْلَب من قلةٍ كما يدلُّ على ذلك مفهوم العدد.

قوله: (راية النبي سوداء ولواؤه أبيض) اللِّواءُ - بكسر اللام والمدِّ - هو الراية ويسمى أيضًا: العلم، وكان الأصل أن يمسكها رئيس الجيش، ثم صارت تحمل على رأسه، كذا في الفتح (٣).

وقال أبو بكر بن العربي (٤): اللواء غير الراية، فاللواء ما يعد في طرف الرمح ويلوى عليه، والراية: ما يعد فيه ويترك حتى تصفقه الرياح.

وقيلَ: اللِّواءُ دون الراية.


(١) أي: في صحيح البخاري رقم (٢٩٩٧).
(٢) ذكره الحافظ في "الفتح" (٦/ ١٣٨).
(٣) في "الفتح" (٦/ ١٢٦).
(٤) في عارضة الأحوذي (٧/ ١٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>