للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

البخاري (١): استرسل جماعة من القدماء في هذا الإِشكال؛ إلى أن جعلوا المَخلص منه، أن اتهموا الأثبات بالتصحيف، فقالوا: والصواب: لاها الله ذا باسم الإِشارة.

قال: ويا عجباه من قوم يقبلون التشكيك على الروايات الثابتة، ويطلبون لها تأويلًا، وجوابهم: أن (ها الله) لا يستلزم اسم الإِشارة، كما قال ابن مالك (١).

وأما جعل "لا يعمد" جواب "فأرضه"، فهو سبب الغلط وليس بصحيح ممن زعمه، وإنما هو جواب شرط مقدر يدلُّ عليه قوله: "صدق فأرضه"، فكأن أبا بكر قال: إذا صدق في أنه صاحب السلب، إذًا لا يعمد إلى السلب فيعطيك حقه. فالجزاء على هذا صحيح؛ لأنَّ صدقه سبب أن لا يفعل ذلك، قال: وهذا لا تكلف فيه، انتهى.

قال الحافظ في الفتح (٢): وهو توجيه حسن والذي قبله أقعد.

ويؤيد ما رجحه من الاعتماد على ما ثبتت به الرواية كثرة وقوع هذه الجملة في كثير من الأحاديث:

(منها) ما وقع في حديث عائشة في قصة بريرة (٣) لما ذكرت أن أهلها يشترطون الولاء، قالت: فانتهرتها، فقلت: لاها الله إذًا.

(ومنها) ما وقع في حديث جُلَيبِيب: أن النبي خطب عليه امرأة من الأنصار إلى أبيها، فقال: حتى أستأمر أمها، قال: "فنعم إذًا، قال: فذهب إلى امرأته فذكر لها ذلك، فقالت: لاها الله إذًا وقد منعناها فلانًا"، الحديث صححه ابن حبان (٤) من حديث أنس.

(ومنها) ما أخرجه أحمد في الزهد (٥): قال مالك بن دينار للحسن: يا أبا


(١) ذكره الحافظ في "الفتح" (٨/ ٣٩).
(٢) (٨/ ٣٩).
(٣) تقدم برقم (٢٦٠٧) من كتابنا هذا.
(٤) في صحيحه رقم (٤٠٥٩) بسند صحيح.
(٥) أحمد في الزهد ص ٣٧٥ - ٣٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>