للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقسم فينا طائفة منها وجعل بقيتها في المغنم، فلقيت معاذ بن جبل فحدثته، فقال معاذ: غزونا مع رسول الله " الحديث.

قوله: (ثم جعل يرمل اللحم بالتراب) أي يضع التراب عليه. قال في القاموس (١): وأرمل الطعام جعل فيه الرمل والثوب لطخه بالدم، انتهى.

والحديث الأول ليس فيه دليل على ما ترجم له المصنف من أن الغنم تقسم؛ لأن النبي إنما منع من أكلها لأجل النهبى كما وقع التصريح بذلك، لا لأجل كونها غنيمة مشتركة لا يجوز الانتفاع بها قبل القسمة، نعم الحديث الثاني فيه دليل على أن الإِمام يقسم بين المجاهدين من الغنم ونحوها من الأنعام ما يحتاجونه حال قيام الحرب ويترك الباقي في جملة الغنم، وهذا مناسب لمذهب الجمهور المتقدم فإنهم يصرحون بأنه يجوز للغانمين أخذ القوت وما يصلح به، وكل طعام يعتاد أكله على العموم من غير فرق بين أن يكون حيوانًا أو غيره.

وقد استدل على أن المنع من ذبح الحيوانات المغنومة بغير إذن الإِمام بما في الصحيح (٢) من حديث رافع بن خديج في ذبحهم الإِبل التي أصابوها لأجل الجوع. وأمر النبي بإكفاء القدور.

قال المهلب (٣): إنما أكفأ القدور ليعلم أن الغنيمة إنما يستحقونها بعد القسمة. ويمكن أن يحمل ذلك على أنه وقع الذبح في غير الموضع الذي وقع فيه القتال، وقد ثبت في هذا الحديث أن القصة وقعت في دار الإِسلام لقوله فيها بذي الحليفة.

وقال القرطبي: المأمور بإكفائه إنما هو المرق عقوبة للذين تعجلوا، وأما نفس اللحم فلم يتلف، بل يحمل على أنه جمع وردّ إلى المغانم لأجل النهي عن إضاعة المال.


(١) القاموس المحيط ص ١٣٠٢.
(٢) في صحيح البخاري (٣٠٧٥).
(٣) الفتح (٦/ ١٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>