للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال أبو بكر الرازي (١): احتج أصحابنا لكراهة فداء المشركين بالمال بقوله تعالى: ﴿لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ﴾ (٢) الآية، ولا حجة لهم في ذلك؛ لأنه كان قبل حلِّ الغنيمة كما قدمنا عن ابن عباس.

والحاصل: أن القرآن، والسنة قاضيان بما ذهب إليه الجمهور، فإنه قد وقع منه المن وأخذ الفداء كما في أحاديث الباب، ووقع منه القتل فإنَّه قتل النَّضر بن الحارث، وعقبة بن أبي معيط، وغيرهما، ووقع منه فداءُ رجلين من المسلمين برجل من المشركين كما في حديث عمران بن حصين (٣).

قال الترمذي (٤) بعد أن ساق حديث عمران بن حصين المذكور: "والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي ؛ وغيرهم أن للإِمام أن يمن على من شاء من الأسارى، ويقتل من شاء منهم، ويفدي من شاء، [واختار] (٥) بعض أهل العلم القتل على الفداء.

قال (٦): قال الأوزاعي: بلغني أن هذه الآية منسوخة - يعني قوله: ﴿فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً﴾ (٧) نسختها قوله: ﴿وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ﴾ (٨) - حدثنا بذلك هنَّاد،


(١) حكاه عنه الحافظ في "الفتح" (٦/ ١٥٢).
(٢) سورة الأنفال، الآية: (٦٨).
(٣) تقدم برقم (٣٠٢١) من كتابنا هذا.
(٤) في سننه بإثر الحديث رقم (١٥٦٨).
(٥) في المخطوط (ب): (واختاره) والمثبت من المخطوط (أ) وهو موافق لما في سنن الترمذي.
(٦) أي: الترمذي بإثر الحديث رقم (١٥٦٨).
(٧) سورة محمد، الآية: (٤).
(٨) سورة البقرة، الآية: (١٩١).
• قال الطبري في "جامع البيان" (٢١/ ١٨٧ - عالم الكتب): "والصواب من القول عندنا في ذلك أن هذه الآية - ﴿فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً﴾ - محكمة غير منسوخة، وذلك أن صفة الناسخ والمنسوخ ما قد بينا في غير موضع من كتابنا أنه ما لم يجز اجتماع حكميهما في حال واحدة، أو ما قامت الحجة بان أحدهما ناسخ الآخر … ". اهـ.
• وقال النحاس في "الناسخ والمنسوخ" (٣/ ١٢): "وهذا على أن الآيتين محكمتان معمول بهما، وهو قول حسن؛ لأن النسخ إنما يكون بشيء قاطع، فأما إذا أمكن العمل بالآيتين فلا معنى في القول بالنسخ … " اهـ.
• وقال ابن العربي في "آيات الأحكام" (٤/ ١٧٠٢): "والصحيح إحكامها، فإن شروط =

<<  <  ج: ص:  >  >>