للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأما قول عمر كما قسم رسول الله خيبر فإنه يريد بعض خيبر لا جميعها، كذا قال الطحاوي (١).

وأشار بذلك إلى ما في حديث بشير بن يسار (٢) المذكور في الباب: "أن النبيّ عزل نصف خيبر لنوائبه وما ينزل به، وقسم النصف الباقي بين المسلمين"، والمراد بالذي عزله ما افتتح صلحًا، وبالذي قسمه ما افتتح عنوة.

وقد اختلف في الأرض التي أبقاها عمر بغير قسمة، فذهب الجمهور (٣) إلى أنه وقفها لنوائب المسلمين وأجرى فيها الخراج ومنع بيعها، وقال بعض الكوفيين: أبقاها ملكًا لمن كان بها من الكفرة وضرب عليهم الخراج.

قال في الفتح (٤): وقد اشتدّ نكير كثير من فقهاء أهل الحديث لهذه المقالة، انتهى.

وقد ذهب مالك (٥) إلى أن الأرض المغنومة لا تقسم بل تكون وقفًا يقسم خراجها في مصالح المسلمين من أرزاق المقاتلة وبناء القناطر والمساجد وغير ذلك من سبل الخير، إلا أن يرى الإِمام [في وقت] (٦) من الأوقات أن المصلحة تقتضي القسمة، فإن له أن يقسم الأرض.

وحكى هذا القول ابن القيم (٧) عن جمهور الصحابة ورجحه وقال: إنه الذي كان عليه سيرة الخلفاء الراشدين.

قال (٨): ونازع في ذلك بلال وأصحابه وطلبوا أن يقسم بينهم الأرض التي فتحوها. فقال عمر: هذا غير المال ولكن أحبسه فيئًا يجري عليكم وعلى المسلمين، فقال بلال وأصحابه: اقسمها بيننا، فقال عمر: اللهمّ اكفني بلالًا


(١) في "مختصر اختلاف العلماء" (٣/ ٤٩٤ - ٤٩٥).
(٢) تقدم برقم (٣٤٤١) من كتابنا هذا.
(٣) ذكره الحافظ في "الفتح" (٦/ ٢٢٥).
(٤) في "الفتح" (٦/ ٢٢٥).
(٥) عيون المجالس (٢/ ٧٣٨ - ٧٣٩).
والتهذيب في اختصار المدونة (٢/ ٦٤).
(٦) في المخطوط (ب): "وقتًا".
(٧) في زاد المعاد (٣/ ٢٩٢).
(٨) أي: ابن القيم في المرجع المتقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>